📍 المقصد الأعظم للشريعة أن يسعد الناس في دنياهم وأخراهم، وإذا كان ذلك لا يتحقق إلا بالاستقرار النفسي، الذي لا يتحقق إلا بالأسرة، فإن مكانة الأسرة إذن مكانة عظيمة والحفاظ عليها من أعظم مقاصد الشريعة، ولذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المخبب، قال عليه الصلاة والسلام “ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها” ومعنى خببها عليه أي أفسدها عليه.
📍تدل هذه الأحاديث التي يكون فيها التحذير “بليس منا” على أن ذلك الفعل من كبائر الذنوب، قال ابن القيم – رحمه الله – :
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ، وتبرأ منه ، وهو من أكبر الكبائر ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه : فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بهما … فإنَّ ظُلْمَ الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظمُ مِن ظلمه بأخذ ماله كله ، ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه ، فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل الفاحشة ” الجواب الكافي ” ( ص 154 )
📍إلا أن هذا التخبيب قد يكون بسبب أشخاص، وقد يكون بسبب مؤسسات، وقد يكون بسبب قوانين، فكل مؤسسة تشجع المرأة على الطلاق، وكل قانون ييسر لها ذلك، فهو داخل في هذا المعنى.
📍في حال الخلاف مع الزوج، تنشط أنواع من شياطين الإنس والجن، ويكون بينهم تنسيق وإيحاء {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}، فيتحول كثير من الأقارب والأصدقاء إلى أداة في يد الشيطان يستخدمهم في تعجيل ا لحصول على جائزته المعلومة من إبليس حين يقوم بأهم مهمة من مهامه وهي التفريق بين الزوجين {ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} وكل تلك الأفعال داخلة في التخبيب الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكثير من النساء يفعلن ذلك مع الأسف دون شعور، فاحذري أن تكوني ممن يجرون في الطلاق…
📍إن الزواج ليس حبا فقط، وإن الزواج ليس مرحلة عسل فقط، ولذلك فإن المنظومة الإسلامية بنيت على الحقوق والواجبات والالتزامات أمام الله وأمام المجتمع وأمام الأصهار والأقارب والأبناء، ووجود كل هذه الأرقام في المعادلة يجعل الطلاق بعيدا كل البعد، ويجعل الأسرة مستقرة غاية الاستقرار، وبالتالي تصل الأسرة بعد تجاوز مرحلة العمل إلى مرحلة الأمل التي ترى فيها عجوزا وعجوزة يرفلان في الأمان الأسري وسط الأبناء والأحفاد، وهذا المشهد هو الذي ينبغي أن يضعه الزوجان في حسبانهما، ومن أجله ينبغي أن يتحملا كل مصاعب الحياة الزوجية وخلافاتها وخصوصا في مرحلة العمل التي قد ينزل فيها الحب إلى أدنى مستوياته.
📍بعض البلدان تضع قوانين ومؤسسات تخبب المرأة على زوجها، وتشجعها على الطلاق، وإذا كان الإسلام يجعل المال عنصرا من عناصر تثبيت الحياة الزوجية، من خلال معادلة القوامة {قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} حيث تقوم المعادلة على أساس أن الرجل ينفق على المرأة وبالتالي فهي محتاجة إليه، فتتحمل منه ما يتحمل الموظف من مديره إن أخطأ، ويتم من خلال هذا التخادم التكاملي وهذا الاحتياج البشري تجاوز كثير من الخلافات، إلا أن هذه البلدان وهذه القوانين تفسد هذه المعادلة، إذ تعطي للمرأة الحق في مال الزوج دون زوج، يعني تعطيها حريتها ومال زوجها، أي العنب والسلة، فيكون ذلك محرضا لها على الطلاق، ولذلك تلجأ المرأة لطلب الطلاق عند وجود المشاكل العاطفية الموسمية، ومعلوم أن المشاكل العاطفية الموسمية مؤقتة وتأتي إما في بداية الزواج أو في منتصفه أو في فترات متقطعة منه، وتؤدي إلى حمى الطلاق، ولا يجوز أن يبنى عليها الطلاق، لما في الطلاق من أثر على أطراف آخرين هم ضحايا هذا القرار العاطفي.
📍إن النظر إلى حال المطلقة فقط، ومعاناتها النفسية فقط، هو نظر أعور، فالإسلام ينظر إلى المآلات التي لا يمكن أن تلاحظها المرأة، ينظر إلى مستقبلها هي حين تكبر وتصير من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا، وينظر إلى مصير الأطفال حين يغيب عنهم الأب، وينظر إلى أبواب الفتنة التي ستنفتح عليها وعلى زوجها، وتصبح المعادلة هي احتمال زواج سيء، لعدم الوقوع فيما هو أسوأ منه، وهو ما يسميه الفقهاء احتمال أخف الضررين.
📍لذلك فإن هذه القوانين المخبِّبة من أكثر ما أدى إلى الطلاق اليوم، وعلى المرأة المؤمنة أن لا تستجيب لهذا التخبيب ولا تعتد به، ولا تأخذ شيئا من المال الذي يعطونها دون حق، فإن ما حكم به الإسلام هو الذي يحق للمرأة أن تأخذه حال الطلاق، أما أن تأخذ متعة هي أكبر من مهر زواجها، أو تأخذ بيت زوجها أو نصف أمواله أو غير ذلك، فكل ذلك من السحت ومن الحرام الذي لا يجوز لها أن تأخذه، فالقاضي لا يحل حلالا ولا يحرم حراما، إنما القاضي من يقضي بما أنزل الله.