أيها الإخوة المؤمنون :
مع ذهاب هذا العام ، ومجيء العام الجديد ينبغي أن ندرك خُطورة الوقت ..
الوقت أثمن شيءٍ نملكه في الدنيا ، إنّك بالوقت تعرف الله عزّ وجل ، فإذا استهلكته في أهداف رخيصة ، في مشاحنات فارغة ، في القيل والقال ، إذا استهلكت الوقت الثمين في سفاسف الحياة ، فقد غامرت برأس مالك ، رأس مالك الأوْحد هو الوقت ، فكيف ستمضيه ؟
قال رسول الله ﷺ : ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل فيه )
إنّكم في زمن هدنة ، وإنّ السير بكم سريع ..
ليسأل كل واحد منّا كيف مضت عليه هذه السنون ، يقول لك أحدهم قبل قليل كنت في المدرسة الإبتدائية والآن لك زوجة وأولاد ، وأولادك في المدرسة الإبتدائية ، وقد زوَّجْت أولادك !
فهل بقيَ لك من العمر بمثل ما مضى ؟
(معترك المنايا كما قال عليه الصلاة والسلام بين الستّين والسبعين )
ومن بلغ سنّ الأربعين فقد دخل أسواق الآخرة
ومن بلغ الستّين فهو كفاكهةٍ أيْنَعَتْ وحان قطافها
فما بالُ هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا ؟
ماذا أعْددْت لساعة الموت ؟
ماذا أعددْت لساعة الرحيل ؟
ماذا أعددْت لساعة الفراق ؟
ماذا أعْددْتَ لِتَرك الأحبّة ؟
ماذا أعددْت لِتَرك هذا البيت ؟
أيام تمضي بنا سريعاً، من شتاء إلى خريف، إلى ربيع، إلى صيف، إلى شتاء ..
أيام تمضي سريعاً، من أوّل الأسبوع إلى آخره، ومن أول الشهر إلى آخر الشهر، ومن أول السنة إلى آخر السنة … الأياّم تمضي سريعاً .
فكلّ شيء في الدنيا بلا ثمَن ..
مهما كنت غنيًّا ، لابدّ من قبرٍ يضمّك
مهما كنت وجيهًا ، لابدّ من نزول القبر
الليل مهما طال فلا بدّ من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلابدّ من نزول القبر
نظم وقتك، ضع برنامج لحياتك، للقاءاتك، لمطالعتك، لقراءة القرآن، لعباداتك، لذكر ربّك، للعمل الصالح، للجلوس مع أهلك، مع أولادك، للذهاب في نزهة ..
عندكم عبادات، عندكم مهمات، عندكم أولاد، عندكم أزواج، عندكم أهل، عندكم متطلبات، عندكم إلتزامات ..
لكن حينما تنظم وقتك، وتأخذ بالأسباب كلها، ثم تتوكل على الله، وتسأل الله الرزق الحلال، وتخرج من بيتك في وقت مبكر .. الله عزّ وجلّ في عليائه يتولى بذاته العلية أن يرزقك رزقاً كثيراً حلالاً طيباً مباركاً فيه..