طرح إيمانويل كانت منظورا جديدا في الفلسفة أثر ولا زال يؤثر في الفلسفة الأوربية حتى الآن أي أن تأثيره امتد منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الحادي والعشرين. نشر أعمالا هامة وأساسية عن نظرية المعرفة وأعمالا أخرى متعلقة بالدين وأخرى عن القانون والتاريخ.
أما أكثر أعماله شهرة فهو كتابه نقد العقل المجرد الذي نشره سنة 1781 وهو على مشارف الستين من عمره. يبحث كانت في هذا الكتاب ويستقصي محدوديات وبنية العقل البشري ذاته. قام في كتابه هذا بالهجوم على الميتافيزيقيا التقليدية ونظرية المعرفة الكلاسيكية. وأجمل وأبدع مساهماته كانت في هذا المجال بالتحديد. ثم نشر أعمالا رئيسية أخرى في شيخوخته، منها كتابه نقد العقل العملي الذي بحث فيه جانب الأخلاق والضمير الإنساني، وكتابه نقد الحكم الذي استقصى فيه فلسفة الجمال والغائية.
تطرح الميتافيزيقا أسئلة عديدة حول الحقيقة المطلقة للأشياء. اعتقد كانت أن بالإمكان إصلاح وتهذيب الميتافيزيقا الكلاسيكية عن طريق تطبيق نظرية المعرفة عليها. حيث زعم أنه يمكننا باستخدام هذه الطريقة مواجهة الأسئلة التي تطرحها الميتافزيقا، والأهم من ذلك أن نعرف المصادر التي نستقي منها معرفتنا وأن نعرف ماهية حدود المعرفة التي يمكن الوصول إليها.
اقترح كانت أنه بعد أن نفهم ونعرف مصادر وحدود المعرفة الإنسانية والعقلية يمكننا طرح أي أسئلة ميتافيزيقية والحصول على أجوبه مثمرة. وسأل كانت سؤالا خطيرا هو هل للأشياء والمواضيع التي نعرفها خصائص معينة سابقة على تجربتنا وعلى إحساسنا. وأجاب على ذلك بأن جميع المواضيع والأشياء التي يمكن للعقل معرفتها تتم بطريقة يختارها العقل. ويضرب مثالا على ذلك أنه إذا استعد العقل للتفكير قبل أي موضوع واختار العقل التفكير بطريقة السببية فإننا بالتالي نعلم قبل ان نتعرف على أي موضوع ان الموضوع سيكون إما سببًا أو نتيجة.
ويصل كانت إلى نتيجة مفادها أن هناك مواضيع لا يمكن للعقل معرفتها عن طريق السببية. ونتيجة أخرى هي أن مبدأ السببية هو طريقة في التفكير لا يمكن أن تستقل عن التجربة والإحساس. ولا يستطيع مبدأ السببية الإجابة عن جميع الأسئلة. ويضرب مثالا للتوضيح هو هل العالم أزلي أم له مسبب؟، وبالتالي فإن أسئلة الميتافيزيقيا الأساسية لا يستطيع العقل الإنساني الإجابة عنها. لكن العقل يفهم ويعرف ويجيب عن أسئلة العلوم العادية لأنها تخضع لقوانينه.
ابتدع ايمانويل كانت نظاما مبتكرا في نظرية المعرفة هو مزيج بين المدرستين التجريبية والعقلية. فأهل المدرسة التجريبية يرون أن المعرفة لا تكون إلا من طريق التجربة لا غير. أما أهل الطريقة العقلية فيرون أن نظام الشك الديكارتي وأن العقل وحده من يمدنا بالمعرفة. خالفهم كانت في ذلك حيث يرى أن استخدام العقل وحده دون التجربة لا يقود إلى المعرفة بل يقود إلى الأوهام. أما استخدام التجربة فلا يقود إلى معرفة دقيقة ولا تعترف بوجود مسبب أول الذي يعترف به العقل المجرد.
كان فكر ايمانويل كانت مؤثرا جدا في ألمانيا أثناء حياته وبعدها. فكانت نقل الفلسفة إلى مكان آخر أرفع من المناظرة والمجادلة بين الفلاسفة العقلانيين والفلاسفة التجريبيين. تأثر به الفلاسفة الألمان بعده. مثل يوهان جوتليب فيشته وفريدريك شلنغ والفيلسوف الكبير هيغل وآرثر شوبنهاور. وأسس هؤلاء ما عرف بالفلسفة المثالية الألمانية. كل هؤلاء الفلاسفة رأوا في أنفسهم مصححين وموسعين ومطورين للنظام والفلسفة الكانتية. وهكذا ظهرت نماذج مختلفة من الفلسفة المثالية الألمانية.[18] استمر تاثير كانت وامتد ليكون مؤثرا أساسيا في الفلسفات التي جاءت بعده. فقد كان له تأثير كبير على الفلسفة التحليلية والفلسفة الأوربية القارية.[19
” إذا حاول العقل أن يقرر فيما إذا كان العالم محدودا، أو لانهائيا من حيث المكان، فسيقع حتما في تناقض وإشكال، فالعقل مسوق إلى التصور بأن وراء كل حد شيئا أبعد منه، وهكذا إلى ما لانهاية له. ومع ذلك فإن اللانهاية في حد ذاتها شيء لا يمكن إدراكه”
كانط، نقد العقل المحض، يطرح كانط الإشكال التالي:هل العالم أزلي أم له سبب أحدثه؟
في البداية العالم من حيث هو نسق مكتمل من الواقع هو وهم من أوهام العقل يصعد بشكل غير مشروع من خلاله من الشرطي المعطى إلى اللاّشرطي المفترض أي بعبارة ابن رشد يقيس الغائب على الشاهد.
العالم لا يمكن معرفته بطريقة استدلالية بالانطلاق من مبادئ ميتافيزيقية لأن ما يمكن معرفته هو الكون أي الظواهر المكانية والزمانية غير المعروفة التي يوحدها الذهن بواسطة مقولاته القيلية دون أن يصل بها إلى الوحدة النهائية. لكن اذا جاز الحديث عن عالم فيزيائي ومقاربة معرفية للعالم في الفلسفة النقدية عند كانط التي تحاول التأليف بين مقولات الذهن ومعطيات التجربة،
من جهة أخرى يخضع كانط في كتاب نقد العقل المحض ظاهرات العالم بماهو فكرة كوسمولوجية الى المعالجة الريبية التي تطرحها الأفكار الترسندنتالية الأربع ويظهر وقوعها في جملة من النقائض المحتمة.
” تلك هي حقا الحالة مع مفاهيم العالم ولعلها لهذا السبب بالضبط تدفع العقل، طالما هو معلق بها، الى نقيضة محتمة: أولا- لو افترضنا أن العالم ليس له بداية فإننا نقوم بتراجع متتال يبلغ الأزل المنقضي ، ولو سلمنا بأن له بداية كان من الضروري أن يفترض البدء زمنا يتقدمه . أما من جهة السؤال عن كم العالم فإن القول بكونه لامتناهي ولامحدود يفضي إلى الإقرار بأنه كبير جدا بحيث يصعب على الذهن البشري تصوره ، ولو قلنا بأنه متناهي ومحدود لكان صغير جدا وقريب من المكان الفارغ والمانع لكل تجربة ممكنة.
ثانيا- إذا كانت كل ظاهرة في المكان أي كل مادة تتألف مما لا يتناهى من الأجزاء فإن تراجع الانقسام هو أبداء كبيرا جدا على الأفهام. وإذا توقف الانقسام المكاني عند نقطة بسيطة فإن هذا التراجع سيكون صغيرا جدا على فكرة اللاّمشروط التي يتميز بها العالم وبالتالي يفسح المجال للتراجع نحو عدة أجزاء كامنة فيه.
ثالثا- اذا سلمنا بأن ما يحدث في العالم هو نتيجة قوانين الطبيعة ، فإن سببببية السبب هي بدورها شيئا يحدث ، وسنرغم على الصعود أثناء التراجع ضمن سلسلة الشروط حتى أسباب أعلى من دون توقف. أما إذ قلنا بأن العالم يتكون من مجموعة من الأحداث تكون محدثة بحرية وتلقائيا ، فإن العقل البشري سيهتم بالعثور على سبب وفق حتمية وجود قانون للطبيعة ولو جاء في صورة الاقتران الضروري بين الأحداث.
رابعا- لو سلمنا بكائن ضروري إطلاقا سواء كان العالمَ نفسه أو شيئا في العالم أم علة للعالم، فإننا سنضعه في زمن بعيد بلانهاية وإلا خضع لوجود آخر أقدم عصي عن الفهم ولا يمكن قط الوصول إلى إدراكه. من جهة مقابلة لو كان كل ما ينتمي الى العالم ( مشروط أو شرط) حادثا، فإن كل وجود معطى سيكون صغيرا جدا ولا يمكن إدراكه بالفهم البشري وسيضطر إلى البحث عن وجود آخر يخضع له. الخلاصة: أن فكرة العالم هي ، في جميع الحالات، هي صغيرة جدا على التراجع الخبري وعلى كل مفهوم ذهني. النتيجة: التجربة الممكنة هي وحدها قادرة أن يعطى لمفاهيم (العالم) واقعا ومن دونها ليس أي مفهوم سوى فكرة دون حقيقة واقعية وليست له أي صلة بأي موضوع خارجي. كما أن الأفكار الكسمولوجية هي مؤسسة على مفهوم فارغ ومتخيل وحسب وعن الطريقة التي بها يعطى لنا موضوع هذه الأفكار. (عمانوئيل كانط، نقد العقل المحض، ترجمة موسى وهبة، دار الانماء القومي، بيروت، طبعة ، صص253-254-255. “إن كل شيء في العالم المحسوس ذو وجود مشروط تجريبيا، وليس فيه أي محل بالنظر الى أي خاصية أي ضرورة لامشروطة…لا يتضمن العالم الحسي سوى ظاهرات، لكن هذه مجرد تصورات هي بدورها أبدا مشروطة حسيا، وبما أنه ليس لدينا البتة أشياء في ذاتها كموضوعات، فانه ليس مخول لنا القفز إلى الخارج والمغادرة للبحث عن علة لوجودها… ولا يؤدي إلى تراجع تجريبي يعين الظاهرات.” ص284. لقد عمل كانط على التقليل من قيمة الخلق الالهي للعالم والرفع من شأن الخلق الاستيطيقي للأعمال الفنية وذلك في كتابه نقد ملكة الحكم بعد أن بين في كتاب نقد العقل المحض المزاعم الخاطئة التي تمسكت بها الكوسمولوجيا والتيولوجيا العقلانية واستحالة اعطاء مضمون ايجابي الى فكرة الخلق وتعذر الصعود الى مفهوم الاله الخالق والاكتفاء بفكرة مهندس العالم architecte du monde أي الاله المنظم أو الموجه. لقد رفض كانط كليا مسألة خلق العالم والإله الخالق في الجدلية المتعالية وخاصة في لعبة النقائض وكان الحل الذي ارتضاه لمشكل الخلق يرتكز على تفسير السبب الذي يجعل المشكل لا يملك أي حل وبالتالي يدعو إلى إتباع الاستعمال المشروع للعقل الذي يسند له وظيفة توجيهية للبحوث التي يقوم بها الذهن. من تبعات النقد الكانطي هو بروز النظريات التطورية والمادية والوضعية وتأكيدها بصفة مجتمعة على أن مسألة خلق الله للعالم اتضح أنها غير صالحة من الناحية التاريخية وغير ممكنة من الناحية النظرية. فهل يمكن اعتبار الخلق الفني للعالم الذي ينسب إلى الله بالمعنى الكانطي هو بمثابة خلق نسبي للعالم؟ المرجع: عمانوئيل كانط، نقد العقل المحض، ترجمة موسى وهبة، دار الانماء القومي، بيروت، طبعة ، صص253-254-255.
المثالية المتعالية (بالإنجليزية: Transcendental idealism) عقيدة فلسفية أسسها الفيلسوف الألماني عمانويل كانت في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث برز مذهب كانط في كتابه نقد العقل المحض الذي تم نشره عام 1781، فيعتقد كانط بأن الشخص الواعي لا يُدرك الأشياء في حد ذاتها، ولكن من خلال ظهورها حسب ما ندركها بحواسنا، وبالتالي يُقيد كانط إدراكنا للمظاهر من خلال حواسنا فقط. لا نمتلك أي قدرة على إدراك الأشياء كما هي في حد ذاتها، أي استحالة إدراكنا للأشياء كما لو أنها مستقلة عننا ولا تتداخل مع معرفتنا. فالروابط التي تربط الظواهر مع بعضها مثل المكان والزمان والسببية ليس لها وجود خارج كيانتنا المعرفية وليست منفصلة عن الظواهر المحيطة بنا، فهذه الروابط تعتمد في وجودها على العقل الكلي وتنشأ من خلاله. فعقيدة كانط يتم تلخيصها على اعتمادها على فكرة أن الزمان والمكان والسببية ليست كيانات موجودة بشكل مستقل، ولكنها الروابط العقلية اللازمة للتداخل مع الظواهر والعالم المحيطخلفية عامة
(الكانطية الجديدة)
من المغامرة القول بأن المشروع الترانسنتدالي الكانطي قد تحول برمته الي أرشيف تاريخ الفلسفة , كما ليس من السهولة الذهاب الي ان النقد الكانطي الذي كون اقسي محاكمة للعقل الخالص قد أنهار لمجرد حلول النظريات اللانيويوتنية محل الفيزياء النيوتونية والهندسات اللااقليدية محل هندسة اقليدس (وإن كان الامر لا يخلو من هذا وذاك) لهذا دعي لفيف من العلماء في (شتوتجارت * الي العودة الي كانط بعد ان اعمل المعول (الهيغيلي ) في جسم البناء الكانطي ذلك ان فلسفة هيغل برمتها قامت علي انقاض النقد الكانطي فاذا كان كانط قد انتهي الي ان الكليات منطقة محرمة علي العقل المجرد اذ لا يستطيع ان يكون عنها افكار تركيبية بديهية كما يفعل في العلم الرياضي والطبيعي فان هذا ذات ما اراد ان يثبت عكسه هيغل من خلال الديالكتيك الذي يبدأ من العقل المجرد. ان سقوط نظرية ( الزمان والمكان المطلقيين) الذي بناهما كانط علي منوال الفيزياء النيوتونية والهندسة الاقليدية لا يمس جوهر النقد الكانطي الذي رصف الطريق لمدارس معاصرة في النقد في مقدمتها (مدرسة فرانكفورت التي انتهت بيورجين هابرماس وكتابه في (العقل الاتصالي ) الذي جاء بطريقة او بأخري قراءة ثانية ل ( نقد العقل المجرد) عند كانط. لقد جاءت فلسفة كانط شاملة لنظريتي ليبنتز ونيوتن و كان النقد اشد واعنف بالنسبة إلى ليبنتس، لان نظريته كانت هي السائدة في المدرسة الالمانية المعاصرة له أنذاك. يقول “كانط” ان المكان والزمان ليسا تصورين، بل هما صورتان .الزمان والمكان تصورات اولية، الا وهي “المقولات” الاثني عشر التي يستخلصها “كانط” “كانت” من اشكال القياس. وتقسم المقولات إلى اربع مجموعات كل منها إلى ثلاث: (1) لكم: الوحدة، التعدد، والمجموع الكلي (2) الكيف: الواقع، النفي، التقييد (3) العلاقة: الجوهر والعرض، والعلة والمعلول، التبادل (4) الضرب: الامكان، الوجود، الضرورة. فهذه ذاتية بالمعنى الذي يكون المكان والزمان، يعني هذ القول بان تكويننا العقلي يكون بحيث تكون قابلة للتطبيق على الاشياء في ذاتها، ومع ذلك، ففيما يختص بالعلة ثمة تضارب، وذلك ان الاشياء في ذاتها، يعتبرها “كانت” عللا للاحساسات، والارادات الحرة هي في تقديره علل للاحداث في الزمان. هذا التضارب لم يكن سهوا غير مقصود، بل هو جزء يكشف المغالطات الناجمة عن تطبيق الزمان والمكان أو المقولات على الاشياء التي لم تجرب. وعندما يتم ذلك نجد انفسنا ازاء متاعب “النقائض” (هذا ما يؤكده كانت) ويقدم لنا كانت اربعا من هذه النقائق، كلا منها يتألف من قضية ونقيضها.
ففي القضية الاولى تقول “القضية”: للعالم بداية في الزمان، وهو ايضا محدود من حيث المكان. “ونقيض القضية”: ليس للعالم بداية في الزمان، وليست له حدود في المكان فهو لا متناه من حيث الزمان والمكان.
وفي النقيضة الثانية يثبت ان كل جوهر مركب، فهو مؤلف من اجزاء بسيطة وهو غير مؤلف منها على حد سواء. وفي النقيضة الثالثة يؤكد ان ثمة نوعين من العلية، احدهما بمقتضى قوانين الطبيعة والنوع الاخر هو علية الحرية، وفي نقيضها يؤكد ان ثمة فقط علية بمقتضى قوانين الطبيعة. وفي النقيضة الرابعة تثبت ان هناك، وان ليس هناك، موجود ضروري ضرورة مطلقة. هذا الجزء من النقد، كان له نفوذ كبير على هيجل (1770-1831) الذي يسير جدله سيرا تاما على طريقة النقائض لقد كانت اهم جزء في كتاب “نقد العقل الخالص” هو نظرية المكان والزمان،
وليس من السهل ان نشرح نظرية “كانت” في المكان والزمان شرحا واضحا، فقد سيقت في كل من كتاب “نقد العقل الخالص” و”المقدمات”. ياخذ “كانت” كانط بان الموضوعات المباشرة للادراك تعزى في جزء منها للاشياء الخارجية، وفي الجزء الاخر إلى جهازنا الادراكي، ويجعل الكيفيات كيفيات ذاتية، و “كانط” لا يضع موضع التساؤل ان تكون لاحساساتنا علل، يدعوها “الاشياء بالذات” أو “النومينا”، فان ما يظهر لنا في الادراك، وهو الذي يدعوه “ظاهرة” يتألف من جزئين: جزء يعزى للموضوع، وهو الذي يدعوه “الاحساس”، وجزء يعزى إلى جهازنا الذاتي وهو الذي يجعل المتعدد ينتظم في علاقات معينة ويدعوه، صورة الظاهرة. هذا الجزء ليس هو نفسه احساسا، ومن ثم فهو لا يعتمد على ما تحدثه البيئة، فهو دائما، ما دمنا نحمله معنا، وهو اولى بمعنى انه لا يعتمد على التجربة. وتسمى الصورة الخالصة لحساسية “حدسا خالصا” (Anschawing). هناك اذن صورتان من هذا القبيل، اعني المكان والزمان، احداهما للحس الخارجي، والاخرى للحس الداخلي. وعند “كانط” فئتان من الحجج لاثبات ان الزمان والمكان صورتان اوليتان، احداهما ميتافزيقية والاخرى ابستيمولوجية. والفئة الاولى من الحجج قد اخذت مباشرة من طبيعة المكان والزمان ام الفئة الاخرى فاخذت بطريق غير مباشر من امكانية الرياضيات البحتة، والحجج عن المكان بسطت بافاضة اكبر مما بسطت به الحجج عن الزمان، اذ قد ظن ان الزمان مماثل للمكان في الجوهر. ). نبدأ بان نعرض المميزات الرئيسية لفكرة الزمان عند “كانت” فنقول ان كانت في عرضه لهذه الفكرة قد قسم هذا العرض إلى قسمين: عرض ميتافيزيقي، واخر متعال. والفارق بين العرض الميتافيزيقي والعرض المتعالي. ان الاول يحلل الفكرة أو الامتثال في ذاته، أي بما هو مضمونه، مبينا بهذا التحليل ان هذا الامتثال ليس مستعارا أو متوقفا على التجربة، بل هو قبلي. اما العرض المتعالي فنبينه كمبدأ على ضوئه يمكن ان نفهم امكان معارف تركيبية قبلية اخرى، أي انه يبين ان ثمة معارف اخرى مركبة تؤخذ من الامتثال، وان مثل هذه المعرفة ليست ممكنة الا إذا شرح الامتثال على نحو خاص، أي على انه قبلي. اما العرض الميتافيزيقي فيتضمن خمس حجج يمكن ان تقسم إلى قسمين: الاول يبرهن فيه على ان الزمان ليس امتثالا تجريبيا، بل هو قبلي. والثاني يبرهن على ان الزمان عيان، وليس تصورا.
الحجة الاولى تقول ان الزمان ليس تصورا تجريبيا، أي امتثالا اخذ عن اية تجربة. وهذه الحجة تتضمن امرين: الاول ان الاختلاف الزمني لا يمكن ان يرد إلى اختلاف في الكيف، بل هو اختلاف من نوع خاص به، يشترط وجود الزمان شيئا قبليا.والثاني ان الزمان ليس تجريدا من التجربة أو الموضوعات المحسوسة، كما يزعم ليبنتس .كما نجرد الالوان أو الطعوم، لكن هذه الحجة سلبية فحسب، اذ كل ما تقوله ان الزمان ليس امتثالا ماخوذا عن التجربة. ولذا اردف بها الحجة الثانية فقال:
٠ان الزمان ضروري يقوم عليه كل عيان، ويمكن ان يدرك مستقلا عن الظواهر. والنتيجة لهذا ان الزمان قبلي، والدليل على هذا اننا لا نستطيع ان نستبعد الزمان من الظواهر العامة، مع اننا نستطيع ان نفهم الزمان خاليا من الظواهر لا يمكن ان يتم الا فيه، والنتيجة لهذ اذن ان الزمان لا يقوم على الظواهر، بل الظواهر هي التي تقوم على الزمان لا يتصور تحقق الظواهر، أي ان الزمان اذن قبلي ضروري لكل حركة حسية.
اذن ذلك هو القسم الاول من العرض الميتافيزيقي، قد اراد كانت ان يبرهن فيه على ان الزمان امتثال قبلي. وهو يريد في القسم الثاني المكون من الحجتين الرابعة والخامسة في عرضه ان يبرهن على ان الزمان عيان وليس تصورا. يقول كانت في الحجة الاولى منهما ان الزمان ليس تصورا كليا، ولكنه شكل خالص للعيان الحسي. وذلك لان المرء لا يستطيع ان يتصور غير زمان واحد وحدي، اما الازمنة المختلفة فليست الا اجزاء لهذا الزمان، واذا كان الزمان واحد، فهو لا يقبل ان يكون ذا تصور بل ذا عيان. ما دام التصور يتركب من امتثال عدة اشياء، بينما العيان من امتثال شيء جزئي واحد. ويضيف إلى هذا دليلا اخر هو ان القضية القائلة بان الازمنة المختلفة لا يمكن ان توجد معا، هذه القضية الزمان عيانا. ذلك لان هذه القضية قضية تركيبية والقضية التركيبية لا تصدر عن التصور وحده، ولهذا فان هذه القضية متضمنة مباشرة في العيان الخاص بالزمان، أي امتثال الزمان. اما الحجة الخامسة فخلاصتها ان التغير بما فيه الحركة لا يمكن ان نفهم دون الزمان بوصفه عيانا قبليا. وذلك لان التغير معناه الجمع بين محمولات متناقضة في موضوع واحد بالذات، مثل الجمع بين الوجود واللاوجود شيء وةاحد في مكان واحد. انما يمكن في الزمان وحده ان يتلاقى محمولان متقابلان بالتناقض في موضوع واحد، وذلك بان يكون الواحد “بعد” الاخر. فالزمان اذن هو الشرط الضروري الكلي لفهمنا للتغير والحركة. وعن طريق هذا العرض اثبت “كانط” اذن ان الزمان عيان خالص وهذا العيان الخالص هو الشرط لكل معرفة قبلية لدينا عن الزمان بما في ذلك البديهيات العامة ثم يستخلص النتائج تتضمنها هذه الاقوال، فيجدها ثلاثة: •الاولى ان الزمان ليس شيئا موجودا بذاته قائما مستقلا، وليس شيئا باطنا في الاشياء كصفة موضوعية لها، وهو بالتالي لا يبقى حين نجرد كل الشروط الموضوعية لامتثاله. لانه لو كان قائما بذاته، لكان شيئا واقعيا وغير واقعي معا: واقعيا من حيث انه لا يوجد مستقلا عن الاشياء المتزمنة، وغير واقعي لانه سيكون شيئا ليس له من وظيفة في الوجود الا ان يتقبل كل شيء واقعي فيه، دون ان يكون ثمة شيء أي شيء واقعي، وفي هذا رد على نيوتن وينعت “كانت” الزمان –والمكان- وفي هذه الحالة بانه سيكون لا شيئا. •الثانية ان الاشياء في ذاتها لا تاتي إلى عقولنا كما هي دون تغيير، بل لابد ان تمر بهذا الاطار، اطار الزمان والمكان، فتترتب وفقا له، فكأنها بمجرد ان تصبح مدركة، لابد ان تظهر على هيئة الزمان و(المكان)، ونحن لا نعرفها كما هي في ذاتها، بل كما تبدو لنا ولهذا فنحن لا نعرف الا الظواهر (أي ما يظهر لنا نحن). ولا نعرف حقيقة الاشياء كما هي في ذاتها. والزمان اذن ليس الا شكل حس الباطن، اعني شكل عيان انفسنا وحالنا الباطنة بواسطة المماثلات بان نتصور توالي الزمان على هيئة خط يتقدم إلى ما لا نهاية ونستدل من خصائص هذا الخط على كل خصائص الزمان مع هذا الفارق الوحيد: “وهو انه بينما اجزاء الخط في حالة معية، فان اجزاء الزمان في حالة توال. ومن هذه الحقيقة عينها، اعني ان كل اضافات الزمان تسمح بالتعبير عنها في عيان خارجي، يكون من الجد ان الامتثال نفسه عيان”. •الثالثة هي ان الزمان هو الشرط الشكلي القبلي لكل الظواهر ايا كانت، وفي هذا يزيد الزمان عن المكان: اذ المكان بوصفه الشكل الخالص (أي الخالي والتجربة) لكل عيان “خارجي”. اما الزمان فانه شكل خالص لكل عيان باطن وخارجي معا، لان كل الامتثالات، سواء أكانت الموضوعات خارجية فحسب ام لغيرها ايضا، تنتسب إلى حالنا الباطنية، كصفات أو تحديدات لعقلنا، ولما كانت هذه الحال الباطنة تقع تحت الشرط شرط قبلي لكل الظواهر ايا كانت، فكل الظواهر اذن خاضعة للزمان، لان الزمان شكل للعيان الباطن، والعيان الزاهر يخضع للعيان الباطن، فالزمان اذن ليس شكل قبلي للظواهر كلها. هل معنى هذا انه ليس للزمان اية حقيقة موضوعية؟ كلا، بل له حقيقة موضوعية من حيث صلته بكل الموضوعات التي يمكن ان تقدم لنا بواسطة الحس، وهو موجود في كل امتثالاتنا عن الموضوعات الخارجية، ولكن ليس معنى هذا انه وجودا مطلقا مستقلا عن تجربتنا وامتثالاتنا أو ذا وجود مستقل قائم بنفسه هذه اذن نظرية كانت في الزمان.
المكان ليس تصورا تجريبيا، هو مجرد من التجربة الخارجية، وذلك لان المكان مفترض مقدما في دلالة الاحساسات على شيء خارجي، والتجربة ممكنة فقط من خلا مثول المكان.
المكان تمثل ضروري اولي، يشكل الاساس لجميع الادراكات الخارجية، اذ لا يمكننا ان نتخيل ان ليس هناك مكان، ومع ذلك يمكنا ان نتخيل اللاشيء في المكان. وهكذا يكتسب الزمان والمكان عند كانط قالبا تجريديا منافيا للواقع العلمي الذي رسخته فيزاياء اينشتين وميكانيكا الكوانت مع ماكسويل وبهلروهاينزبرج ’ لكن المنهج الذي اتبعه كانط في تحليل هانين المقولتين والوصول الي ان للعقل حدودا لا يقوي علي تجاوزها جعل من المستحيل نسيان النقد الكانطي و ولهذا ظهر الكانطيون الجدد من اجل العودة الي كانط وان استدعي الامر 0 نقد كانط نفسه). يُعدد الباحثون في تاريخ الكانطية الجديدة العديد من المدارس ، وصل عددها إلى سبعة مدارس أو مدارس فرعية . إلا إن من الملاحظ إن هناك مدرستين كانطيتين جديدتين كبيرتين فرضتا هيمنتهما على تاريخ الكانطية الجديدة وذلك بسبب إستمرارهما والتأثيرات التي تركتهما ؛ المدرسة الأولى هي ” مدرسة ماربورج ” . والثانية هي ” مدرسة بادن ” والتي يطلق عليها كذلك ” مدرسة هيدلبيرج ” أو ” مدرسة ألمانيا الجنوبية ” . مع الإشارة إلى إن هناك عدد من المفكرين الأخرين حاولوا إنعاش الروح في فلسفة كانط وتحت مظلة عامة ، هي ” الفلسفة النقدية ” . مدرسة ماربوج للكانطية الجديدة إن مدرسة ماربوج للكانطية الجديدة ، في الأصل هي حركة معارضة للتفسيرات الخاطئة التي تعرض لها كانط وفلسفته .. وترتبط هذه المدرسة الكانطية الجديد بإسم إثنين من فلاسفة الكانطية الجديدة ؛ الأول هو البرفسور ” فردريك ألبرت لانج ” الذي قبل عرض جامعة ماربوك ، وباشر عمله بروفسوراً في الجامعة عام 1872 . والثاني هو تلميذه في جامعة ماربوك ” هرمان كوهن ” . وإذا كان لانج هو الأب الروحي المبكر للمدرسة ، فإن هرمان كوهن هو المؤسس الحقيقي والقائد للمدرسة وهو من الجيل الأول من مفكري الكانطية الجديدة . أما الممثلون الأخرون للمدرسة ، فهم كل من ” بول نتورب ” (1854 – 1924) و ” إرنست كاسيرر ” (1874 – 1945) . وأخيراً ” نيكولاي هرتمان ” (1882 – 1950) . تميزت مدرسة ماربوك في كانطيتها الجديدة بالتأكيد القوي على توجهاتها العلمية والرياضية . لقد قام كوهن بنقد النزعة النفسية من وجهة نظر كانطية (وبالمناسبة ستتكرر هذه التجربة النقدية للنزعة النفسية مرة أخرى مع ” أدموند هوسرل ” (1859 – 1938) فيما بعد ولكن من زاوية فينومونولوجية تحمل نفساً ومذاقاً كانطيين) . والنزعة النفسية هي مشروع يختصر القوانيين المنطقية في عمليات تجريبية ونفسية . ولهذا فإن المعرفة عند كوهين كما يقول ” لا ترتبط بالفاعل فقط كما هو واضح في الرياضيات التي تعلمنا كل يوم بأنها موضوعية وليست لها علاقة بالفاعل (رجل الرياضيات) “. أما الكانطي الجديد ” بول نتورب ” فكان مشغولاً بشكل رئيس بالأسس المنطقية للعلوم الدقيقة (الرياضيات والفيزياء النظرية .. ) ، حاله حال أغلب الكانطيين الجدد . ونتورب رفض الوجود الفرضي ” للشئ بذاته ” (وهو واحد من مفاهيم كانط ، وهو عصي على المعرفة) والذي يقف خلف الظاهرة (التي هي بإصطلاحات كانت الشئ كما يبدو لنا) . ومن بين فلاسفة مدرسة ماربوك ، فيلسوف التاريخ ” كارل فورلندر ” (1860 – 1928) وكان أستاذاً في ” سولينكن ” ، ومن أهم مؤلفاته ” العلاقة بين الفكر الكانطي والفكر الإشتراكي ” ، وفي عام 1924 نشر كتابه المعنون ” سيرة كانط الذاتية ” والذي تحول إلى مصدر كلاسيكي تعتمد عليه كل الدراسات الأكاديمية . ومن ثم نشر أنواعاً مختلفة من الدراسات حول مؤلفات كانط ، من ضمنها الدراسة المعنونة ” أثر كانط على كتابات جوهان غوته ” (1749 – 1832) . وكان فورلندر مهتماً بالتركيز على ” الماركسية و ” رودلف ستاملر ” (1856 – 1938) ، وستاملر كان بروفسوراً في جامعة ماربوك والذي إشتغل على العلاقة بين القانون والمجتمع . في حين كان ” إرنست كاسيرر ” . الذي ترتبط معظم أفكاره بفلسفة القرن العشرين ، مهتماً بالسؤال الذي يدور حول فلسفة اللغة ، من مثل معاني الأسس الرمزية . وبمنظاره إن المقولات ما هي إلا تراكيب مشروطة من الزاوية التاريخية ، وتم التعبير عنها في إطار الصور (الرموز) اللنكوستية (بينما المقولات عند كانط هي قوانين العقل الأولية) . وحسب كاسيرر يمكن التعبير عن هذه المقولات بصور جمالية ودينية كذلك . والحقيقة إن نظرية الرموز عند كاسيرر مؤسسة على فينومنولوجيا المعرفة (وكاسيرر معارض لفيلسوف التاريخ ” إسولد شبنجلر ” (1880 – 1939)).) . ومن أخر أعضاء مدرسة ماربوج الكانطي الجديد ” نيكولاي هرتمان ” ، وهو في الأصل فيلسوف ألماني من البلطيق . درس الطب أولاً وتحول إلى الفلسفة . وفي جامعة ماربورك أكمل دراسته للدكتوراه ، ومن ثم كتب إطروحة دكتوراه أخرى للعمل في الجامعة (تسمى في ألمانيا دكتوراه التأهيل) ، ومن ثم أصبح بروفسوراً في ماربورك . ومن ثم طور له فلسفة خاصة توصف بكونها ” الوجودية المتعددة أو الواقعية النقدية ” . ولعل من أهم أعماله الفلسفية المبكرة ” فلسفة البايولوجيا ” . وكتب الكثير من المؤلفات ، ولكن ما لفت نظري ، هو كتابه المعنون ” الطرق الجديدة للإنطولوجيا ” والذي طبع في العام 1952 أي بعيد وفاته بسنتين . ونحسب إن نيكولاي هرتمان كان أخر حبة من عنقود العنب الكانطي الجديد . ويجري الحديث في الأوساط الأكاديمية وفي بعض الكتابات عن مدرسة كانطية جديدة روسية ، بداياتها كانت ترتبط بمدرسة ماربورج . وفعلاً وجدنا إن بعض الكانطيين الجدد كانوا روسيون من إصول ألمانية درسوا في جامعة ماربورك ، من أمثال الفيلسوف الروسي الثويني ” فازيلي سيسمان (1884 – 1963) والذي درس الفلسفة وعلم النفس والتربية على كل من الكانطيين الجدد ؛ ” هرمان كوهن ” و ” بول نتروب ” و ” إرنست كاسيرر ..)) .) . مدرسة بادن أو هيدلبيرج للكانطية الجديدة وعلى خلاف مدرسة ماربوج ، فإن مدرسة بادين أو هيدلبيرك للكانطية الجديدة (نسبة إلى ولاية بادن وهيدلبيرج نسبة إلى الجامعة) قد أكدت على أسئلة القيم أو الأكسيولوجيا . ومثل هذه المدرسة عدد من مفكري الكانطية الجديدة من أمثال ” ويلهلم وندلباند ” (1848 – 1915) ، و ” هنريخ ريكارت ” (1863 – 1936) ، و ” أميل لاسك ” (1875 – 1915) . فمثلاً ويندلباند يعتقد إن مهمة الفلسفة الأولى ، هي تعليم القيم الكونية السليمة ، والتي تتمثل بثلاثية القيم : الصدق في التفكير ، والخيرية في الإرادة والفعل ، والجمال في المشاعر . وهذه التقسيمات الثلاثية تعود في أساسها مباشرة إلى الفيلسوف كانط . لقد ميز وندلباند بين التاريخ والعلوم الطبيعية ، وألح على إن ” فهم كانط يتطلب العودة إلى خلفياته ” وهو الشعارالذي ظل مرتبطاً بالكانطية الجديدة .وفعلاً فإن خليفة وندلباند ” هنريخ ريكارت ” طور أكسيولوجيا خاصة به ، مع تأكيد على إن فلسفة كانط النقدية يجب أن تتوسع فتشمل كل العلوم ، ومن ضمنها علوم العقل وعلوم الحضارة (الثقافة) . ولهذا التأكيد إرتبط ريكارت بتراث المثالية الألمانية . ومن ثم كان تلميذه ” برنو باخ ” (1877 – 1942) كانطي جديد من أتباع مدرسة بادين ، وهو الذي جمع مؤلفات كانط ونشرها في الأكاديمية البروسية ، كما كان رئيس تحرير مجلة ” جمعية كانط ” ومجلة ” دراسات كانط ” حتى عام 1916 ، ولكنه نشر مقالاً معادياً للسامية ، فأحدث جدلاً داخل جمعية كانط ، وأُجبر على الإستقالة . والحقيقة إن برنو باخ وأستاذه ” هنريخ ريكارت ” كانا من الرموز القيادية في مدرسة بادين بعد ويلهلم ويندلباند . ومن المفيد أن نشير إلى إن باخ كان مشاركاً لكانطيي مدرسة بادين في إهتمامهم بفلسفة القيم (الأكسيولوجيا) ، ولكنه ركز إهتمامه حول فلسفة الرياضيات والمنطق . ولذلك كان على خلاف إستاذه ريكارت متعاطفاً مع صديقه عام المنطق الرمزي ” جوتلوب فريجه ” (1848 – 1925) . ونحسب إن في إرتباط مدرسة بادن بقضايا المعنى والقيمة بدلاً من أولوية العلوم الطبيعية ، قد منح هذه المدرسة إمكانية الإتصال والتأثير على عدد من كبير من المفكرين الذين بحثوا عن جواب للسؤال : لماذا عمت الفوضى الثقافية (أو الحضارية) ؟ وهذا شمل كل من ” ويلهلم ديلثي ” (1833 – 1911) و ” جورج ساميل ” (1858 – 1918) .. . كما ويرتبط بالمدرسة ” إرنست ترولتسج ” (1865 – 1923) والذي كانت كتاباته تتوزع بين فلسفة الدين وفلسفة التاريخ . وجاء إلى الكانطية الجديدة من من مضمار اللاهوت البروتستانتي .) .. ثم جاءت محاولة الكانطي الجديد ” فردريك بيولسن ” (1846 – 1908) ، وهي متابعة لمثابرة كانط المثمرة ، ولو جزئياً وذلك من أجل الوصول إلى الميتافيزيقا التي تقف وراء الأبستمولوجيا . وفعلاً بيولسن زعم ” إن كانط دائماً كان رجل ميتافيزيقا في الأساس ” .. كما إن تأثير الكانطية الجديدة لم يقتصرعلى دائرة الثقافة الألمانية ، وإنما تعدت ذلك لتشمل الثقافة الأوربية برمتها ، فكانت لها مضارب في شرق القارة وغربها وجنوبها ، فمثلاً ظهرت بدايات مدرسة كانطية جديدة روسية ، حمل مشعلها الفيلسوف الكانطي الجديد الروسي الرائد ” أفرايكن ألكسندروفش سبر ” في كتابه ” الفكر والحقيقة : محاولة لتجديد الفلسفة النقدية ” والذي ترك إنطباعاً قوياً على الروائي الروسي ” تولستوي ” بعد إن قرأه في العام 1996 وربط بينه وبين كتاب شوبنهور ” العالم إرادة وصورة ” ، ومن ثم جاء الفيلسوف الكانطي الجديد الروسي (ألثويني) ” فازيلي سيسمان ” والذي ينتمي إلى مدرسة ماربورك ، فأنبت بذور مدرسة كانطية جديدة روسية ذات مذاق ماربوكية (نسبة إلى مدرسة ماربوك للكانطية الجديدة) . هذا حدث للكانطية الجديدة شرق ألمانيا . أما غرب ألمانيا فقد حدث التأثير في الثقافة الفرنسية مبكراً ، وذلك عندما أقدم الفيلسوف الكانطي الجديد ” أفرايكن سبر ” وهو الروسي الألماني الفرنس لغة ، بكتابة موجز لمؤلفه الموسوم ” الفكر والحقيقة : محاولة في تجديد الفلسفة النقدية ” باللغة الفرنسية ، وصدر بعنوان ” موجز للفلسفة النقدية ” في العام 1877 . وبعد وفاته بأربعين عاماً (أي عام 1930) صدرت طبعة جديدة للكتاب بمقدمة كتبها الفيلسوف الفرنسي ” ليون برنسيفك ” . )المصادر ( نقد العقل المجرد – كانط – ماهي الابستمولوجيا محمد وقيدي – مراجع اخري بتصرف)
على الرغم من تأثير عقيدة كانط على الفلسفة الألمانية اللاحقة بشكل كبير، فإن تفسير هذه العقيدة كانت محل جدال بين فلاسفة القرن العشرين. ابرز كانط عقيدته في كتاب ( نقد العقل الخالص) حيث وضح فكرته وميزها عن الأراء الفلسفية المعاصرة مثل الواقعية والمثالية، لكن الفلاسفة اللاحقون له لم يتفقوا على تميز فكرة كانط بشكل واضح عن الفلسفات المعاصرة له. يربط بعض الفلاسفة بين المثالية المتعالية والمثالية الشكلية على أساس بعض المقدمات النقدية الواردة في كتاب ‹‹مقدمة تمهيدية للميتافيزقيا المستقبلية« ( وهو مقالة قصيرة يشرح فيها كانط بعض أراءه عن كتابه نقد العقل الخالص)، بالرغم من أن الأبحاث الحديثة تعترض على هذه الرأي. وتبنى المثالية المتعالية بعض الفلاسفة الألمان اللاحقين على كانط مثل (يوهان غوتليب فيشت)، و(فريدريك فيلهلم جوزيف فون شيلينغ)، و(آرثر شوبنهاور)، وفي أوائل القرن العشرين بعض الفلاسفة مثل ( إدموند هوسرل) الذي تبنى شكل جديد من المثالية التجريبية المتعالية.
مثالية كانط المتعالية يستعرض كانط طرق استكشافنا للأشياء من حولنا وادراكنا للزمان والمكان والتفاعل معهما. فقبل كانط توصل بعض المفكرين مثل (ليبنتز) إلى استنتاج مفاده أن الزمان والمكان ليسا أشياءَ موجودة ولكن يتم استنتاجهما من خلال العلاقات بين الأشياء فقط. بينما أكد مفكرون آخرون ومن بينهم (إسحق نيوتن) بأن الزمان والمكان موجودان بشكل حقيقي. توصل (ليبينتز) إلى طريقة فهم مختلفة تمامًا للكون والأشياء الموجودة فيه، فحسب إحدى كتابات (ليبينتز) التي يشرح فيها أفكاره الفلسفية المتأخرة وهي مخطوطة «Monadology»، فإن كل الأشياء التي يعتقد البشر على أنها نتاج تفاعل الأفراد مع الأفكار العقلية مثل ( مواقعهم بالنسبة للزمان والمكان) تكون في الأساس في عقل الواحد المتعالي (الله) ولا يمكن أن نتصور وجودهم في الكون ككيانات مجردة.
حسب الواقعيين تتصل الأشياء الفردية مع بعضها عن طريق روابط وعمليات فيزيائية، وتربط تلك العمليات الأشياء مع الأدمغة البشرية، ومن ثَم توجه الدماغ البشرية نحو سلسلة من الأفعال المحددة تجاه تلك الأشياء وتصحح رؤية الدماغ البشرية نحوها، ومعرفتها بيها. ادرك كانط المشاكل الناجمة من تلك الرؤية الواقعية، فمع تأثره بفيزياء نيوتن، وإدراكه لوجود سلسلة من التفاعلات المادية بين الأشياء المُتصورة وتلك التي نتصورها بالفعل، إلا أن العقل يستقبل البيانات الواردة إليه ويحللها ويعالجها مما يُحدث اختلافا بسيطًا عن البيانات الخارجية الأصلية. [1]
«إذا ما حاولنا أن نبقى في إطار ما يُمكن إثباته بواسطة الحُجة الكانطية، فيُمكننا القول أنه من الممكن إثبات الواقع التجريبي من خلال الزمان والمكان، أي أن جميع الموضوعات التي تقع في إطار الفيزياء والرياضيات صالحة، إلا أن هذه الحقيقة التجريبية تتضمن المثالية المُتعالية التي تنص على أن الزمان والمكان مكنونات عقلية ناشئة من الحدس البشري، ويمكن إثبات فعاليتهما على أنهما مفيدان لإدراك الأشياء كما تظهر لنا وليس كما هي في ذاتها».[2]
من الواضح أن المكان والزمان بدلًا من كونهما أشياء حقيقية بحد ذاتها أو مظاهر يُمكن إدراكها تجريبيًا، إلا إنهما من أشكال الحدس ونستخدمهما لإدراك الأشياء، وبالتالي لا يُمكن إثبات وجودهما ككيانات جوهرية مستقلة، وبالرغم من أنها أشياء ذاتية أو شخصية لكل فرد على حدى إلا أنها ضرورية، شريطة أن يكون ذلك الكائن مظهرًا وليس شيئًا في حد ذاته. يتعامل البشر بالضرورة مع الأشياء المُحيطة بهم على أنها موجودة في حيز مكاني وزماني، وهذا شرط ضروري ليدرك الإنسان ويفهم ما حوله كأشياء مكانية وزمانية على حد سواء. «المثالية المُتعالية هي العقيدة التي تنص على أن المظاهر موجودة ولكن بشكل ظاهري وليس كما هي في حد ذاتها، وبالتالي فإن الزمان والمكان مجرد أشكال عقلية لحدسنا». ويناقش كانط ادعاءاته في قسم خاص من كتابه (نقد العقل الخالص) تحت عنوان (جماليات المثالية المُتعالية)،[3] حيث خصص هذا القسم للتحقق من الشروط السابقة لاستخدام الإنسان لحواسه كأدوات معرفية، بينما يتعلق القسم التالي من الكتاب والمُعنون بأسم (منطق المثالية المتعالية) بطرق التفكير في الأشياء وإدراكه
وزارة الداخلية الفرنسية : إذا شككت في أحد أنه راديكالي عنيف أو إسلامي .. أو إسلامي .. أو إسلامي .. إتصل بالرقم الأخصر.. إسلامي كلمة فضفاضة ممكن تعني عند المتطرفين الفرنسيين لحية، ممكن تعني قميص، ممكن تعني حجاب، ممكن تعني الحديث بالعربية في مكان عمومي.. وممكن تعني فقط إسمك العربي.. أي فرنسي يريد أن يفسد يومك و يتسبب في اعتقالك لمدة يومين على الأقل، و تحقيقات معك فقط بكل سهولة يتصل برقم بالمجان.. ممكن للفرنسي أن يضربك ويشتمك وإذا فقط رفعت صوتك عليه فانت إسلامي، وستقضي أيام سوداء في التحقيقات ليتأكدو من درجة إسلامك هل هو إسلام فرنسي أم لا… مرحبا بمحاكم التفتيش الجديدة في فرنسا……
للأسف الوضع في بلاد الفرنسيين مقلق ومضطرب ولا يبشر بخير..
ولد الفارابي في مدينة فاراب، ولهذا اشتهر باسمه. نسبة إلى المدينة التي عاش فيها. كان أبوه قائد جيش، وكان ببغداد مدة ثم انتقل إلى سوريا وتجوّل بين البلدان وعاد إلى مدينة دمشق واستقر بها إلى حين وفاته. يعود الفضل إليه في إدخال مفهوم الفراغ[؟] إلى علم الفيزياء. تأثر به كل من ابن سينا وابن رشد.
تنقّل في أنحاء البلاد وفي سوريا، قصد حلب وأقام في بلاط سيف الدولة الحمداني فترة ثم ذهب لدمشق وأقام فيها حتى وفاته عن عمر يناهز 80 عامًا ودفن في دمشق، ووضع عدة مصنفات وكان أشهرها كتاب حصر فيه أنواع وأصناف العلوم ويحمل هذا الكتاب اسم إحصاء العلوم.
سُمّي الفارابي “المعلم الثاني” نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية
مصادر التأثير وقد تأثّرت فلسفة الفارابي بصفة خاصة بالمذهب الأرسطي المحدث الغالب على الإسكندرية. ويتسم الفارابي بغزارة كتاباته، حيث نُسب إليه ما يزيد عن مائة كتابة. ومن بينها كتابات تمهيدية عن الفلسفة بصفة عامة، وتعليقاته على أعمال أرسطو (مثل «علم الأخلاق إلى نيقوماخس» نسبة إلى ابن أرسطو نيقوماخس) بالإضافة إلى أعماله الخاصة. وتتسم كتاباته بالإتساق والترابط المنطقي، رغم أنها مشتقة من عدة مدارس ومذاهب فلسفية. وكذلك تأثر الفارابي بنموذج الكواكب والشمس لبطليموس، وعناصر الأفلاطونية المحدثة، وبالتحديد موقفها من الميتافيزياء والفلسفة العملية أو السياسية (والتي هي أقرب إلى «الجمهورية» لأفلاطون منها إلى «السياسة» لأرسطو).
الفارابي وأرسطو وموسى بن ميمون وقد لعب الفارابي دورًا حيويًا في انتقال أفكار أرسطو من اليونان القديمة إلى الغرب المسيحي في العصور الوسطى، وذلك ما نراه في ترجمة تعليق الفارابي على «العبارة» لأرسطو إلى اللغات اللاتينية. وقد تأثر موسى بن ميمون (وهو يعد أهم مفكري اليهود في العصور الوسطى) بالفارابي بدرجة عظيمة. فمن بين كتاباته الشهيرة «مقالة في فن المنطق»، وفيها أوجز موسى بأسلوب بارع أصول منطق أرسطو في ضوء تعليقات الفيلسوفين الفارسيين: ابن سينا، وبالطبع الفارابي. وأكّد الكاتب ريمي براغ حقيقة أن الفارابي هو المفكر الوحيد الذي تعني به تلك المقالة.
ويعد كلًا من الفارابي وابن سينا وابن رشد من أتباع المدرسة المشائية أو الاستدلالية. إلا أن الفارابي في كتابه «الجمع بين رأيي الحكيمين» حاول أن يجمع بين كل من المذهب الأرسطي والأفلاطوني.
وطبقًا لأدامسون، فإن الهدف الواحد الأوحد التي توجهت كتابات الفارابي نحوه هو إعادة إحياء واستحداث المدرسة الإسكندرية في الفلسفة آنيًا، والتي كان ينتمي إليها معلمه المسيحي يوحنا بن حيلان. ويشهد اللقب التشريفي الذي عرف به (المعلم الثاني) على نجاحه في ذلك. وذكر أدامسون أيضًا أن الفارابي لم يذكر مطلقًا أي شئ عن أفكار الكندي، أو أبو بكر الرازي الذي عاصره، مما قد يدل على أن الفارابي لم يعتقد بصحة مناهجهم.
فلسفة الملة عند الفارابي
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
لعله من نافلة القول، الحديث عن الوشائج الوثقى بين الفلسفة والدين عبر التاريخ والعصور؛ فذلك أصبح من البديهيات، التي يمكن القول معها: إنه لا وجود للفلسفة دون الدين، ولا وجود للدين دون الفلسفة.
وهذا القول لا ينطبق على الإسلام وحده؛ بل يسري على جميع الأديان، ولعل اهتمام الفارابي بالدين، من خلال أعماله الفلسفية المختلفة، خير دليل على اهتمام الفلاسفة المسلمين، وانشغالهم بالدين، ومعالجتهم لقضاياه المتنوعة[
فالفارابي، حسب محسن مهدي: هو أول فيلسوف طور فلسفة للملّة، تعتمد، في أساسها، على التراث الفلسفي الأفلاطوني والأرسطي، بشكل عام، وعلى الفلسفة الأفلاطونية، بصورة خاصة.
لقد سبق للفارابي أن تناول الدين في كتبه المتعددة، وخاصة في كتاب الحروف، لكنه أبى إلا أن يخصص كتابًا بعينه لفحص هذه المسألة، هو: كتاب “الملة”، وقد يكون، هذا الكتاب، لاحق التأليف لكتاب الحروف، بقرينة عدم ذكره في كتاب الحروف، وذكر غيره من كتب الفارابي في المنطق.
الملّة عند الفارابي:
1- الملة في كتاب الملة:
لقد خصص الفارابي كتابًا للبحث في الدين، هو “كتاب الملة”: الذي نرى أن غاية الفارابي الأولى، أو القريبة من تأليفه، هي؛ توضيح حقيقة الدين، وصفات رئيسه الأول، وخلفائه، وعلاقته بعلمي الفقه والكلام، وكذلك، علاقته بالفلسفة
ينطلق الفارابي في تفسيره لمحددات حدوث الملة من فرضية أساسية، مضمونها؛ أنه بعد اكتمال العلوم النظرية والعملية، تأتي مرحلة وضع النواميس، وهذا يحتاج إلى صناعة خاصة بذلك، وهي “صناعة وضع النواميس”، والحاجة إلى وضع هذه الأخيرة؛ هي التي أدت إلى حدوث الملة.
ويستعمل الفارابي كتاب “المتناول”، حاليًّا، بالدرس، لتعريف الملة، قائلًا: “الملة؛ هي آراء، وأفعال مقدرة ومقيدة بشرائط يرسمها للجمع رئيسهم الأول، ويلتمس أن ينال باستعمالهم لها غرضًا محدّدًا له، فيهم أو بهم، والجمع، ربما كان عشيرة، أو مدينة، أو صقعًا، أو أمة عظيمة، أو أممًا كثيرة. والرئيس الأول، إن كان فاضلًا، وكانت رئاسته فاضلة، في الحقيقة؛ فإنه يلتمس بما يرسم، أن ينال، هو وكل من تحت رئاسته، السعادة القصوى؛ التي هي، في الحقيقة، سعادة. وتكون تلك الملّة فاضلة”.
إن هذا التعريف الواسع والمحايد، حسب الباحث محسن مهدي، لا يبين أي رأي خاص في الله، والملائكة، والنبوة، والوحي، والثواب والعقاب في الآخرة، أو في مجال الأخلاق، ويتكون من أربعة عناصر، تجيب عن أربعة أسئلة:
1) ما هي الملة؟
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧◇◇
إنها جملة آراء وأفعال مقيدة بشرائط؛ أي جانب نظري وجانب عملي. النظري: هو مجموعة الآراء المتعلقة بالله وبالملائكة؛ أي الإلهيات، وكذلك، الآراء الخاصة بتركيبة العالم، ومنشئه؛ أي الكوسمولوجيا، والآراء المتعلقة “بالإنسان وحصول النفس فيه”
إضافة إلى تضمن الملة آراء خاصة بالعقل، ومرتبته من العالم، ومنزلته من الله، وكيف يكون من الروحانيين، و”النبوة ما هي؟ والوحي كيف هو؟”
وإذا كان ما سبق من آراء نظرية متعلقة بأشياء نظرية؛ فإن الجانب الثاني من الآراء النظرية، يتعلق بأشياء إرادية؛ أي عملية تخص أفعال الأنبياء، والملوك، والمدن، والأمم إن كل هذه الآراء، وإن كانت نظرية؛ فإنها تهدف إلى العمل؛ لأنها مجموعة من المثالات، التي يجب أن تساعد الناس في مراسهم
“إن آراء الملة؛ هي صفات تحيل إلى المدنيين، جميع ما في المدينة من ملوك، ورؤساء، وخدم، ومراتبهم، وارتباط بعضهم ببعض، وجميع ما يرسم لهم، ليكون ما يوصف لهم من ذلك، أمثلة يقتفونها في مراتبهم وأفعالهم”.
إن الطبيعة العملية للملة، تتجلى بوضوح أكثر في الجانب العملي منها؛ أي الأفعال، وهي: مجموعة الأقاويل التي ترد إلى العبادات، تمجيدًا وتعظيمًا لله، والملائكة، والأنبياء، …إلخ[، وكذلك، معاملات أهل المدن
2) من هو الفاعل الذي يحقق له أن يكون الرئيس الأول، واضع الملة؟
فالملة تفترض رجلًا يأتي بشريعة وعقيدة، فيجتمع الناس حوله، لا للاعتقاد فقط؛ وإنما ليقودهم إلى غرض معين؛ فالرئيس الأول: هو الذي يؤسس المدينة الفاضلة، والملة، حسب النص، لا تكون فاضلة إلا إذا كان الرئيس فاضلًا، ولا يكون الرئيس فاضلًا، إلا إذا كان نبيًّا فاضلًا يوحى إليه بالحقائق.
3) لمن تقدر تلك الآراء والأفعال؟
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
إنها جماعة ما، أو جمهور من الناس؛ إذ لا يقدرها الرئيس الأول للملة لنفسه، أو لبعض الأتباع وحسب؛ وإنما يقدرها لجماعة ذات حجم معين.
4) ما هو الغرض؟
في الرئاسة الفاضلة، وهي؛ الرئاسة المؤيدة بالوحي، تقدر الآراء والأفعال في الدين، بحيث “إذا استعملت في المدن أو الأمم، عمرت بها مساكنهم، ونال بها أهلها الخيرات في هذه الدنيا، والسعادة القصوى في الحياة الآخرة[16]، ويوضح الفارابي في السعادة الحقيقية، وهي التي تطلب لذاتها، ولا تطلب في وقت من الأوقات لينال بها غيرها أشياء أخرى؛ إنما تطلب لتنال هذه، فإذا نيلت، كفّ الطلب” هذه السعادة لا تتحقق إلا بإقامة المدينة الفاضلة.
أما في الرئاسة الجاهلية، وهي رئاسة غير مؤدية بالوحي، يكون هدف الدين وغايته تحقيق الخيرات الجاهلية، والتي هي خيرات دنيوية محضة، إما للرئيس الأول، من خلال استعمال أتباعه، واستغلالهم لتحقيق هذه المصالح الدنيوية، وإما للأتباع والجمهور، وإما للرئيس والجمهور معًا؛ فالغاية من الدين، هنا، مقصورة على الدنيا، ولا تتجاوزها
2- الملة والدين والشريعة:
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
مثلث (الملة، والدين، والشريعة) تتساوى أضلاعه في الدلالة عند الفارابي تارة، وتتفاوت تارة أخرى، ويقول الفارابي في هذا الصدد: “والملة والدين، يكادا يكونان اسمين مترادفين، وكذلك، الشريعة والسنة؛ فإن هذين يدلان، ويقعان عند الأكثر من الأفعال المقدرة من جزأي الملة، ويمكن أن تسمى الآراء المقدرة شريعة، أيضًا؛ فتكون (الشريعة، والملة، والدين) أسماء مترادفة.
فإن الملة تلتئم من جزأين: تحديد آراء، وتقدير أفعال؛ فآراء الغرب المحددة للملة نوعان: إما رأي عبّر عنه باسمه الخاص به؛ الذي جرت العادة أن يكون دالًّا على ذاته، أو رأي عبر عنه باسم مثاله المحاكي له؛ فالآراء المقدرة التي في الملة الفاضلة؛ إما حق، أو مثال حق”.
ثم هناك مسألة أخرى، يجب الاهتمام بها، وهي: مسألة الترابط بين الملة والسنة؛ حيث إن الثنائي اللفظ الآخر، يطلق على أفعال مقدرة؛ أي على الجزء الثاني من الجزئين، اللذين منهما تلتئم الملة، وعلى الفرائض، والأقوال، والمعاملات، غير أن أحد اللفظين اللذين يلتئم منهما الثنائي؛ وهو الشريعة، يمكن أن يدل على الآراء المقدرة، أو على الجزء الأول من الملّة أيضًا. وبالتالي؛ فإن الشريعة، والملة، والدين، ألفاظ مترادفة حقًّا، وإن لم تكن كذلك؛ فإن الفروقات فيما بينها ليست ذات بال، وقد وضع لفظ سنّة جانبًا، لأنه، بلا ريب؛ لا يدل على آراء.
حسب حسن مهدي؛ فإن هذا الاستعمال العام، يبدو أنه يفترض، مسبقًا، التمييز بين آراء الملّة، وأفعالها، وبين الملل التي منحاها الرأي، وتلك التي منحاها الأفعال على حد سواء.
غير أن الأفعال وحدها، كما الآراء وحدها، لا تكفي لأن تلتئم الملة بها، وبصورة عامة؛ يتطابق عرض الفارابي مع الرؤية المشتركة للملة، غير أن هذه الأخيرة، تميل إلى اعتبار الملة، بالأحرى، شريعة؛ أي أفعال مقدرة، وآراء محددة، ينبغي قبولها، والتقييد بها.
الملة في كتاب “الحروف”:
♧♧♧♧♧♧♧♧◇♧♧♧♧♧♧♧♧♧
خصص أبو نصر الفارابي حيزًا مهمًّا للملة، في كتابه الحروف، خاصة في الباب الثاني (131-161)، ويدرسها في علاقتها بالفلسفة واللغة.
مما لا شك فيه أن كتاب الحروف؛ هو تفسير لكتاب أرسطو طاليس، فيما بعد الطبيعة، (الحروف- مهدي 35)، غير أننا نجد ضمن هذا التفسير؛ “غرض أرسطو طاليس في كتاب ما بعد الطبيعة”، ضمن لغة جديدة، وعصر جديد؛ بل وإضافة غرض جديد؛ هو الملة.
يقدم الفارابي في الباب الثاني، حسب الدكتور محمد عابد الجابري، نوعًا من فلسفة التاريخ، حاول الفارابي أن يشرح فيها تطور الثقافة في المجتمعات، من مرحلة التعبير المشخص بالإشارة والتصويت، إلى أعلى مراحل التعبير المجرد، وهي؛ مرحلة الدين والفلسفة.
وقد لجأ في محاولته هذه إلى المقايسة بين تطور الفكر اليوناني، وتطور الفكر الإسلامي، تارة يقرأ الأول بواسطة الثاني، وتارة أخرى، يقرأ الثاني بواسطة الأول، غير أنه يعرج تارة على الفكر الفارسي، وطورًا على الفكر الهندي، مبرزًا تداخل هذه الثقافات، وانتقال بعضها إلى ميدان الأخرى، محاولًا إثبات الأسبقية الزمنية للفلسفة على الدين، إلى جانب أسبقيتها المنطقية، التي شرحها في كتبه الأخرى، وخاصة في كتاب “الملة”، وكل ذلك بأسلوب تعميمي متقطع، وبطريقة تجريدية جدّ ملتوية، فيها تردد، وغموض، وتستّر، …إلخ.
فيستعرض الفارابي تطور التعبير، ابتداءً من حدوث حروف الأمة وألفاظها، مرورًا بأصل لغة الأمة، ووصولًا إلى حدوث الصنائع العامة؛ الخطابة، والشعر، ورواية الأخبار، وعلم اللسان، وصناعة الكتابة، ثم إلى حدوث الصنائع القياسية، والعلوم النظرية، ثم يتتبع تطور هذه من مرحلة الطرق الخطابية السفسطائية، إلى الطرق الجدلية، التي تأخذ بالاقتراب، شيئًا فشيئًا، من الطرق اليقينية إلى أن: “يصير الحال في الفلسفة، كما يقول، إلى ما كانت عليه في زمن أفلاطون، ثم يتداول ذلك، إلى أن يستقر الأمر على ما استقر عليه أيام أرسطو طاليس؛ فيتناهى النظر العلمي، وتتميز الطرق كلها، وتكمل الفلسفة النظرية، الفلسفة العلمية الكلية، ولا يبقى فيها موضع فحص؛ فتصير صناعة تتعلم، وتعلم فقط، ويكون تعليمها تعليمًا خاصًّا، وتعليمًا مشتركًا.
فالتعليم الخاص؛ يكون بالطرق البرهانية فقط. والتعليم المشترك؛ يكون بالطرق الجدلية، أو الخطابية، أو الشعرية”، ثم ينتقل الفارابي، عبر هذا التأويل الإيديولوجي، إلى هدفه الأساسي، فيقول: “ومن بعد هذه كلها، نحتاج إلى وضع النواميس، وتعليم الجمهور ما قد استنبط وفرغ منه، وصحّح بالبراهين من الأمور النظرية، وما استنبط بقوة التعقل من الأمور العملية؛ فإذا وضعت النواميس في هذين الصنفين، أو ضفنا إليهما الطرق التي يقنع بها الجمهور، ويعلّم، ويؤدّب؛ فقد حصلت الملّة، التي علم الجمهور بها، وأدّبوا، وأخذوا كل ما ينالون به السعادة”.
إذن؛ فالملة هدفها تعليم الجمهور بالإقناع، أو التخييل، أو بهما معًا، ما تنتجه الفلسفة برهانيًّا (الحروف 151).
ولأن الملة تخيل للجمهور الأشياء التي برهنت عليها الفلسفة؛ فلا يتردد الفارابي في إعلان؛ أن الأولى تتقدم على الثانية (الحروف 133)، وذلك؛ لأنها تابعة لها (الحروف 153)، تبعية مزدوجة؛ فهي تبعية زمنية، إذن؛ فالملة إذا جعلت إنسانية، تلت الفلسفة في الزمان، وكذلك، تبعية في المرتبة؛ إذ إنه إذا كانت الملة مستندة إلى فلسفة قديمة مظنونة أو مموهة (الحروف 151)، كانت ملة فاسدة (الحروف 154). أما عندما تكون الفلسفة التي تؤسس الملة فلسفة يقينية؛ فإن الملة، بدورها، تكون صحيحة
يمكن القول: إن معيار التمييز في كتاب الحروف، بين الدين الفاضل، والدين الفاسد؛ هو نوع الفلسفة التي يتبع لها الدين.
فالدين الصحيح: هو الذي يتبع فلسفة برهانية يقينية.
أما الدين الفاسد؛ فهو الذي يتبع فلسفة غير برهانية.
ولكن هناك مشكل يطرح بالقول: (إن الملة جاءت بعد الفلسفة)؛ لأن السؤال المطروح، هنا، هو: إذا كانت الملة قد جاءت بعد الفلسفة، ينبغي أن تكون أكثر تقدمًا منها؛ فكيف يجعل الفارابي الملة إنسانية وهي ليست إنسانية لأنها عبارة عن وحي أو سنة؟
والجواب: إن علم الكلام والفقه، يخضعان الملة لمقتضيات العقل، وبفضلهما يتحول هذا النبع؛ الذي هو الملة، إلى أمر إنساني يمكن الخوض فيه[24]، فالفارابي يقول: “إنه يمكن تأسيس الملة الإنسانية في أي وقت من مسار تطورها، ما دامت تتكون من المعتقدات والممارسات، التي يفرضها المشرّع الإنساني، ولكن كمالها سيعتمد على مدى تقدم الفكر الإنساني، والخبرة الإنسانية، في ذلك الوقت.
فالملة الإنسانية عالقة، أيضًا، في هذه الحركة الدائرية للتاريخ الإنساني، وهي تتشابه مع حركة النواتج الثقافية عبر حدود الأمم، وهي عرضة للانتحال من قبل مدَّعِي تأسيس الملل، الذين يبحثون عن الشهرة والمجد؛ لذلك تكون الملة الإنسانية الأفضل: هي تلك الملة التي تتأسس في ذروة تطور الصناعات الفكرية والعملية”.
ونحن نعتقد أن الملة، عندما تصبح إنسانية؛ فهي عبارة عن فقه، وعلم كلام
3– الملّة في تحصيل السعادة:
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
يعالج الفيلسوف (أبو نصر الفارابي) مسألة الملة في كتاب “تحصيل السعادة”، باعتبار الملّة محاكية للفلسفة، وليست هي نفسها الفلسفة؛ حيث إن الفلسفة معرفة بالموجودات والأفعال عن طريق البرهان الإقناعي؛ فإن هذه الموجودات “متى علمت أن تخيلات بمثالاتها التي تحاكيها، وحصول التصديق بما خيل منها عن الطرق الإقناعية، كان المشتمل على تلك المعلومات يسميه القدماء ملّة”
كما أن الفلسفة والملة، لا تنحصران في الموضوع؛ بل تشتركان كذلك في المقصدان، وهما: “تعطيان الغاية القصوى، التي لأجلها كوّن الإنسان، وهي؛ السعادة القصوى”.
ولكن السبل النظرية مختلفة؛ إذ إن كل ما تعطيه الفلسفة من مبادئ، وأسباب، وغايات، (معقولًا أو متصوّرًا)؛ فإن الملة تعطيه متخيلًا، وإن كانت الأولى تتوسل “براهين يقينية”
إيمانه بوحدة الحقيقة
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
” ”واجب الوجود عقل محض، يعقل ذاته بذاته، فهو عاقل ومعقول في آن واحد.“ “
—
إيمانه بوحدة الحقيقة كان يعتقد أن الحقيقة الطبيعية الفلسفية واحدة وليس هناك حقيقتان في موضوع واحد بل هناك حقيقة واحدة وهي التي كشف عنها أفلاطون وأرسطو، وبرأيه أن كل الفلسفات التي تقدم منظومة معرفية ينبغي أن تحذو حذو أفلاطون وأرسطو. ولكن بين أفلاطون وأرسطو تناقض أساسي وكان الفارابي يعتقد أن فلسفة أفلاطون هي عين فلسفة أرسطو ووضع كتاب (الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو) أفلاطون وأرسطو كلاهما يبحثان في الوجود من جهة علله الأولى، وعند أفلاطون الوجود والعلل الأولى هي (المثل) وأرسطو (العلل الأربعة) ولكن الفارابي كان يعتقد في كتابه أنه لا فرق وحاول أن يوفق بين الفيلسوفين وقدم مجموعة من الأدلة ليقول أن هؤلاء كشفا الحقيقة وكل من جاء بعدهما يجب أن يحذو حذوهما.
نظريته الخاصة بالوجود
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
” ”فما الدار دار خـلـود لنا ولا المرء في الأرض بالمعجز“ “ —أبو نصر محمد الفارابي
ترجمه لاتينية لـ كتاب “إحصاء العلوم” ترجمة جيراردو الكريموني. نظريته في الوجود، وهنا تبدو النظرية التي تسمى بالصدور والفيض وهي أبرز ما يميز الفارابي فهو يميز بين نوعين من الموجودات:
الموجود الممكن الوجود الموجود الواجب الوجود هنالك موجودات ممكنة الوجود كثيرة، لكن موجود واحد واجب الوجود. الموجود الممكن الوجود: الموجود الذي متى فُرِض موجودا أو غير موجود لم يعرض منه محال. يعني وجوده أو عدم وجوده ليس هناك ما يمنع ذلك. لكن إذا وجدت لابد لها من علة وكل الموجودات التي تحقق وجودها حوادث. الموجود الواجب الوجود: الموجود الذي متى فرضناه غير موجود عرض منه (الهاء تعود على الفرض) محال. يعني لا يمكن إلا أن يكون موجودا وهو في المصطلح الديني (الله) فنحن لا يمكن أن نقول الله ليس موجود؛ لأنه لا يمكن لنا أن نقول بعد أن قلنا الله ليس موجود كيف وجد العالم. (مؤيس الأيسات عن ليس) تعني موجود الموجودات من العدم (أليس أي أوجد). س/ لا نستطيع أن نفهم كيف وجدت الموجودات الممكنة عن واجب الوجود؟ وكان جواب الكندي هو (مؤيس…..) أما الفارابي يقول أن واجب الوجود طبيعته عقل محض واحد من كل الجهات جوهر عقل محض يعقل ذاته وموضوع تعقله هو ذاته، خلافا لنا نعقل ذاتنا ونعقل أيضا الموجودات الطبيعية ولكن واجب الوجود عند الفارابي يعقل ذاته فقط ويقول الفارابي أنه من تعقله لذاته يفيض عنه عقل أول، يكفي أن يعقل واجب الوجود ذاته حتى يصدر عنه عقل أول أي فعل التعقل فعل مبدع يصدر على سبيل الضرورة لا الإرادة والقصد. يصدر عقل من تعقله لما فوقه يصدر عقل آخر ومن تعقله لذاته يصدر فلك..إلخ العقل الأخير هو العقل الفعال والفلك الخاص به فلك القمر.
المصادر والمراجع
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
[1]– محمد آيت حمو، الدين والسياسة في فلسفة الفارابي، ص 27.
[2]– أحمد العلمي حمدان، الكلام كجنس، دراسة لذاتيات الكلام من زوايا ومباحث متعددة، منشورات ما بعد الحداثة، ط1، 2007م، ص 10.
[3]– عزمي طه، سيد أحمد الدين والإيديولوجيا في الفكر السياسي للفارابي، دار المسار، الأردن، 2002م، ص 15.
[4]– عبد الله الطني، معجم الفلسفة الفارابية، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة، تحت إشراف الدكتور: طه عبد الرحمن، السنة الجامعية 2003م- 2002م، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، ص 180.
[5]– أبو نصر الفارابي، كتاب الملة، نصوص أخرى، تحقيق: محسن مهدي، دار المشرق، بيروت، ط2، 1991م، ص 43.
[6]– محسن مهدي، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، ترجمة: وداد حاج حسن، دار الفارابي، 2009م، ص 142.
[11]– صالح مصباح، مسألة الملة عند الفارابي، ضمن دراسات حول الفارابي، جامعة صفاقس تونس، 1995م، ص 190.
[15]– محمد آيت حمو، الدين والسياسة عند الفارابي، دار التنوير، بيروت، ط1، 2011م، ص 31.
[20]– محسن مهدي، الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية، ص 155.
[22]– محمد عابد الجابري، نحن والتراث مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2006م، ص ص 118-119.
[23]– صالح مصباح، مسألة الملة عند الفارابي، ص 199.
[24] – محمد آيت حمو، الدين والسياسة عند الفارابي، ص 75.
[25] – محسن مهدي، الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية، ص 107.