كيفية كتابة التقرير النفسي للحالة Rapport psychologique
التقرير النفسي من المهام الخاص والجد مهمة في عمل الاخصائي النفساني وهو يخضع لمجموعة من الضوابط التي تنظمه.
التقرير النفسي:
ما هو إلا وصف علمي لحالة المفحوص الراهنة بهدف التعرف على جوانب التفوق أو القصور في جانب من جوانب شخصية المفحوص أو قدرة من قدراته العقلية – المعرفية ، ويعتمد ذلك الوصف على عدة محاور رئيسية منها المقابلة، الاختبارات المقننة، الاختبارات غير المقننة وسوف يتم التطرق لذلك لاحقاً، كما أن ذلك الوصف قد يكون مختصراً وقد يكون مطولا، وقد يكون وصفاً لبعد من أبعاد الشخصية أو لعدة أبعاد أو قد يكون وصفاً لقدرة من القدرات العقلية- المعرفية أو لعدة قدرات.
باختصار فان التقرير النفسي هو الناتج النهائي “Produit final” لعملية التقييم النفسي التي تهدف إلى تزويدنا بالمعلومات التي تساعدنا على تلبية حاجة المفحوص، وفهمه بشكل افضل، وفي سبيل ذلك فإننا نحتاج إلى اكثر من وسيلة، حيث هنالك اكثر من أسلوب لكتابة التقرير منها الأسلوب الأدبي “littéraire” والعلمي “scientifique” والعيادي “clinique ” وسنركز في هذه الصفحات على مزج الأسلوبين الأولين بالأسلوب الذي تختلف صياغته باختلاف الغاية أو الهدف منه فهو :
o إما يهدف تصنيف المفحوصين -كما في حالة اختبارات القدرات العقلية لاختيار الأنسب لوظيفة محددة أو لاختيار من تنطبق عليهم معايير أو شروط القبول لمؤسسة تعليمية أو تدريبية أو تأهيلية
o إما يهدف إلى تشخيص حالة المفحوص – كما في تشخيص الاضطرابات النفسية أو العقلية أو تشخيص الإصابات أو الاضطرابات العصبية.
والحقيقة أن هنالك اختلاف حول استخدام المصطلحات أو اللغة الفنيةlangage techniqueأو استخدام اللغة غير الفنية langage non technique عند كتابة التقرير النفسي فكتابة تقرير موجه إلى مختص في علم النفس تختلف عنها عند توجيهه إلى معلم أو أخصائي اجتماعي أو إلى طبيب أمراض نفسية أو طبيب أمراض عصبية ، كما إنها تختلف بدرجة اكبر عندما يكون التقرير موجهاً إلى مسؤول إداري أو جهة أمنية أو هيئة قضائية، وفي جميع الأحوال فان لغة التقرير يجب أن يراعى فيها الخلفية العلمية للشخص الذي سوف يوجه إليه، وبشكل عام فانه من المهم أن تكون لغة التقرير مبسطة وواضحة تصف السلوك المقاس أو الملاحظ بشكل مفهوم وغير غامض بحيث لا يمكن إساءة فهمه أو تفسيره من قبل الآخرين.
المحاور الأساسية التي ترتكز عليها كتابة التقرير النفسي:
أولا: البيانات الشخصية ” des informations d’identification”.
o اسم المفحوص
o تاريخ الميلاد
o العنوان
o رقم الهاتف
o الحالة الاجتماعية
o اسم الفاحص
o تاريخ الفحص
o جهة الإحالة.
ثانياً: سبب الإحالة “raison de l’aiguillage “:
عادة يتضمن طلب الإحالة: “question renvoi “
o وصف مختصر لحالة المفحوص بما في ذلك وصف المشكلة الراهنة
o السبب أو الأسباب العامة لطلب تقييم المفحوص.
والحقيقة أن بعض طلبات الإحالة إلى الأخصائي النفسي تكون طلبات مبالغ في عموميتها “فضفاضة” حيث تفتقد إلى الدقة والتحديد، مثل العبارة التالية: يحال إلى الأخصائي النفسي للتقييم النفسي. (؟
ومن أمثلة الإحالة الدقيقة التالي:
o لتقييم القدرات العقلية “الذكاء”: تقييم روتيني، الشك في تدني مستوى قدراته المعرفية، أو تفوقها.
o للتشخيص التمييزي أو التفريقي. “diagnostic différentiel “: مثلا للتفريق بين ما إذا العجز عائد إلى أسباب نفسية “Psychologique” أو أسباب عضوية “BIO”.
o . لتقييم طبيعة ومدى تلف المخ “Dommages cérébraux”.
o لتقييم ملاءمة المفحوص للعلاج النفسي، والصعوبات المحتمل مواجهتها معه.
o لتقييم ملاءمة المفحوص لمهنة معينة.
وعلى هذا فان على الفاحص عند كتابه التقرير- كتابة سبب الإحالة كما ورد في نموج جهة طلب الإحالة، على أن يركز في تقريره النفسي على إجابة الطلب باختصار مع التنبه إلى إن تكون التوصيات ذات علاقة بمشكلة أو معاناة المريض.
ثالثاً : المعلومات الأولية “Informations d’arrière-plan”:
o التاريخ المرضي”بإيجاز”
o محاولات الانتحار
o حالة الانتباه
o العلاج العقاقيري الذي يتناوله المفحوص وأثاره الجانبية.
o الفحوصات الطبية والعصبية “مثلا: “CT & IRM” التي خضع لها المفحوص ونتائجها “بإيجاز”
o الشكوى الرئيسية “يتم عرض الشكوى الرئيسية بشكل مختصر، في حدود عبارة إلى ثلاث عبارات”.
رابعا: المقابلة “ENTRETIEN AVEC LE PATIENT”:
عادة تكون المقابلة مع المريض أو المفحوص نفسه، وفي بعض الأحيان يتم الاستعانة بأحد أو بعض أفراد أسرته، وفي جميع الأحوال فان المقابلة يجب أن تكون واضحة الأهداف ومحددة الأبعاد،وتعتمد بدرجة كبيرة على فنيات مهنية، أي أنها ليست استجوابيه بل استقصائية، ويمكن تلخيص الأبعاد التي يتم التركيز عليها أثناء المقابلة في النقاط التالية:-
o المظهر والسلوك”Apparence et comportement”: مثل الهندام ونظافة الملابس، اللغة التعبيرية للوجه -غير معبر أو جامد، متناقض التعابير-. الحركات اللا إرادية للأصابع واليدين، وضعية الجلوس-متحفز، مسترخي-، طريقة الكلام-عدم الطلاقة “disfluidité”، عسر التلفظ “dysarthrie”- ، فهم المحادثة، الابتسامة -تلقائية، مصطنعة- المهارة الاجتماعية “اللباقة”، المؤشرات السلوكية للقلق أو الاكتئاب، الحركة أثناء المقابلة وجلسة القياس _كثير الحركة، متجمد في المعقد الخ…….- (حسب ملاحظة الفاحص)، ويمكن استخدام قائمة الاتجاهات والسلوك المرفقة.
o الاهتداء “Orientation”: تعيين أو معرفة الزمان و المكان، وكذلك الوعي بالأحداث الاجتماعية الراهنة. ( يعتمد على سؤال الفاحص)
o تاريخ المشكلة أو المشكلات الراهنة “Historique du problème présentant”: (بإيجاز) بدايتها، وحدتها، تأثيرها على حياة المفحوص العملية والأسرية والاجتماعية، أساليب علاجها، فعالية علاجها، مضاعفاتها محاولة انتحار ……. (حسب سرد المفحوص)
o المشكلات المعرفية “problèmes cognitifs Subjective”: مثل نسيان محتوي المحادثات أو نسيان المواعيد (ذاكرة)، أو نسيان أين وضع المفاتيح أو الكتاب الخ……، (ذاكرة) عدم القدرة على التركيز على مسلسل تلفزيون أو فيلم (انتباه). استخدام المذكرات بشكل مستمر للتذكير بالمواعيد، والمناسبات الاجتماعية، الاعتماد على الأسرة والأصدقاء في التذكير والانتباه، مشاكل الاستيعاب والتعبير اللفظي عن النفس والمفاهيم (فهم). (من وجهة نظر المفحوص)
o الحالة المزاجية الراهنة “Récent état d’humeur”: الاكتئاب مستمر متقطع، الروح المعنوية “esprit”، الأفكار الانتحارية والنية “intention sérieuse”. القلق أو التوتر هل هو حالة أو سمة، طرق التغلب عليه أو التكيف أو التعامل معه. نوبات الهلع أو الفزع “crises de panique”. المخاوف. النوم، وقت الاستيقاظ. الشهية -شراهة،جيدة، مفقودة-. (حسب رأي المفحوص)
o محتوى التفكير والإدراك”Pensée contenu et perception”: اعتقاد أو أفكار المفحوص عن نفسه أثناء فترة المعاناة من الاضطراب النفسي -قبيح، عديم الفائدة، ممل، غبي الخ……- وهل تسبب إزعاج دائما له أو بعض الأحيان، وهل يدرك أنها أفكار مضخمه (حسب رأي المفحوص). هل هنالك مؤشرات لوجود أفكار أو أعراض وسواسية قهرية أو اضطراب نفسي أو عقلي (من وجهة نظر الفاحص)
o التاريخ الطب نفسي السابق “antécédents psychiatriques”: يعتمد فيه على التقرير الطب نفسي المرفق عادة مع نموذج الإحالة- كما يتم استقصاء بعض المعلومات عن الحالة النفسية والعقلية للمفحوص مثل بداية الاضطراب وسبب أو أسباب حدوثه وما نتج عنه والأحداث المرتبطة به والمحاولات العلاجية السابقة عددها -مراجعة عادات خارجية، تنويم- والنتائج الإيجابية لتلك المحاولات -مثلا التحسن ومدته- الآثار السلبية -مثلا: الأعراض الجانبية للعقاقير النفسية أو الصدمات الكهربائية- (حسب سرد المفحوص)
o التاريخ الجنائي “histoire légale”: هل سبق تحذيره، إيقافه، سجنه. وما إذا كان ذلك بسبب اضطرابه، أو أن اضطرابه كان نتيجة لتلك الخبرة. (حسب معلومات المفحوص)
o الجوانب الأسرية والشخصية “Famille et personnelle”: هل عانى أو يعانى أحد والديه من مرض عضوي مزمن، آو أزمات قلبية، أو اضطراب نفسي أو عقلي الخ…… الحالة الصحية الراهنة للوالدين، الأخوان، الأخوات، الأبناء، الزوج، الزوجة. فترة الطفولة -سعيدة أو تعيسة- وهل حدث خلالها أمراض، نوع العلاقة الأسرية -جيدة، سيئة ومع مَن مِن أفرادها- مع من يسكن، الطموحات. (حسب معلومات المفحوص)
o العادات الضارة “Des habitudes”: التدخين-عدد السجائر التي يدخنها يوميا ، الكحول -يوميا، أسبوعيا، أحيانا- المخدرات، نوعها -حشيش، هروين، عقار هلوسة “LSD”، طريقة وعدد مرات الاستخدام.
o التعليم”Éducation”: مستوي التحصيل الدراسي في كل مرحلة دراسية -الابتدائية، المتوسطة، الثانوية الخ……- السن عند الحصول على كل شهادة تعليمية. تأثير الاضطراب أو المرض على المستوي الدراسي أو على الاستمرار أو الانقطاع عن الدراسة.
o المهنة “Occupation”: مدة سنوات الخبرة في كل وظيفة. ومدى تأثير الاضطراب على أداءه الوظيفي. الوظيفة الراهنة و الدخل و مدى تلبيته لمتطلبات المفحوص الحياتية .
رابعاً: نتائج الاختبارات النفسية أو القدرات العقلية.
دائماً يتم تطبيق اكثر من مقياس أو اختبار. ويعتمد عددها ونوعها على سبب الإحالة وحالة المفحوص، ويضاف إليها ما توفر لدى الفاحص من مقاييس واختبارات مناسبة لكل مفحوص.
ا-الاختبارات المقننة (TEST NORMALISÉ):
من المهم هنا مراعاة النقاط التالية:
o تعرض نتائج كل مقياس أو اختبار كل على حدة، معتمدا على الدرجات المعيارية -التي يعتمد عليها في تفسير النتائج- وليس الدرجات الخام.
o إعطاء فكرة موجزة عن نوعية المقياس أو الاختبار. -أي هل هو اختبار لفظي أو أدائي، هل هو اختبار ذكاء أو اختبار ذاكرة أو شخصية الخ……-.
o يتم تصنيف الدرجة التي حصل عليها المفحوص -مثلاً: الدرجة التي حصل عليها تضعه ضمن فئة المتوسط أو فوق المتوسط الخ…- مقارنة بمن هم في سنه ومستواه التعليمي وجنسه.
وللتوضيح سوف يتم عرض نتائج بعض المقياس والاختبارات التي تم تطبيقها على مفحوص عمره 32 سنة، وذلك علي النحو التالي:
…………………………………………………………………………………………………………….
اختبار رافن للمصفوفات المتتابعة:
الدرجة_الاختبار الفرعي
12___________ I
9 __ II
7 __ III
9 __ IV
2 __ V
39______________ المجموع
الدرجة المعيارية لنفس المجموعة العمرية =40.
هذا اختبار غير لفظي يقيس الذكاء العام، والدرجة التي حصل عليها المفحوص تضعه ضمن النصف الأدنى من فئة المتوسط.
…………………………………………………………………………………………………………..
اختبار وكسلر للذاكرة المنطقية:
الأداء_ الدرجة المتوقعة الدرجة المحرزة التباين
الاستدعاء المباشر__23,2_________15____________8,2 الاستدعاء بعد 30 دقيقة_____20,5_________11____________9,5 يقيس هذا الاختبار القدرة على تذكر القصة . وتعتبر الدرجات التي حصل عليها المفحوص في الاستدعاء المباشر أو المؤجل دون المتوسط ولكنها تظل ضمن حدود المتوسط بالنسبة لمجموعة العمرية والتعليمية. …………………………………………………………………………………………………………. اختبار بنتون للذاكرة البصرية: الأداء_ عدد الإجابات الصحيحةالأخطاء المتوقعة_ الأخطاء_ التباين
النسخ _ 7/11 _ 0 _____3_________0 عرض بعد 10 ثواني (استدعاء مباشر)______1/10____________5,1___ 18_______ 12,9
يتضمن هذا الاختبار نسخ عدد من التصاميم الهندسية. ويتضح أن الدرجة على النسخ تقع عند الحد الأدنى من المتوسط “العادي”، في حين أن درجة الاستدعاء أظهرت عجز المفحوص قياسا بالمجموعة العمرية والتعليمية التي ينتمي إليها.
…………………………………………………………………………………………………………
ب- الاختبارات غير المقننة :
عادة يتم تطبيق هذا النوع من الاختبارات -التي يعتمد على مهارة الفاحص- على المفحوصين المحولين للتقييم النفس عصبي .
وتتضمن هذه الاختبارات ما يلي:
التناسق أو التآزر (COORDINATION)
التوجه أو الإدراك -الأيمن الأيسر-
التعرف باللمس، التعرف بالإصبع
المجال البصري.
خامساً: التعليق على الأداء في الاختبارات.
- مستوى الذكاء العام: الحديث بإيجاز عن مستوى ذكاء المفحوص بناءاً على أداءه في اختبارات الذكاء وما إذا كان هنالك تدهور في قدراته العقلية من خلال حساب معامل التدهور العقلي في مقياس وكسلر لذكاء الراشدين مثلاً، وما إذا هنالك مؤشرات على وجود اضطراب نفس أو عقلي من خلال حساب معاملات التشتت، مع محاولة الربط بين نسبة ذكائه ومستواه التعليمي.
- الشخصية: التطرق لنتائج اختبارات الشخصية وماذا كان هنالك مؤشرات على وجود اضطراب نفسي أو عقلي من خلال الصفحة النفسية لمقياس MMPI مثلاً، أو مقياس بك للاكتئاب الخ ……
- الذاكرة والتعلم: التطرق لمستوى ذاكرة المفحوص مع التميز بين أداءه على الاختبارات التي تقيس الذاكرة قصيرة المدى والاختبارات التي تقيس الذاكرة بعيدة المدى “المرجعية” كما يتم التطرق للتعلم اللفظي واثر النسيان.
- الوظائف البصرية.
- الصورة الجسمية.
- الوظائف النفس حركية -من خلال متابعة أداء المفحوص على المقاييس-.
- اللغة التعبيرية والاستقبالية.
سادسا: الاستنتاج النهائي.
بناء على الربط بين الشواهد المستخلصة من ما سبق يلخص الفاحص إلى بعض المؤشرات التي تفترض وجود اضطراب محدد من عدمه، أو قصور في وظيفة معرفية أو قدرة عقلية من عدمه، مع اقتراح بعض التوصيات المتعلقة بما يمكن أن يقدم له من خدمات تعليمية أو علاجية أو تأهيلية. وتبنى تلك المقترحات على تفسير النتائج المتوفرة من التقييم الشامل.
كما قد يقترح الفاحص طلب إعادة التقييم النفسي بعد فترة زمنية معينة خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بإلحاق المفحوص بمهنة معينة أو برنامج دراسي أو تدريبي أو عندما يترتب عليه قرار من جهة أمنية أو هيئة قضائية.
هذا تصور عام عن كيفية كتابة التقرير النفسي، ولكن يجب التنبه إلى انه ليس من الضروري التقيد بجميع المحاور السابقة الذكر في جميع الحالات.