طبعت أكبر موسوعة في تراجم أعلام النساء المسلمات، لأخينا العلامة المحدث المسند الدكتور محمد أكرم الندوي الأكسفوردي، حفظه الله تعالى…
الوفاء بأسماء النساء
الحمد لله على أن تمت طباعة كتاب (الوفاء بأسماء النساء) في 43 مجلداً، متضمناً تراجم عشرة آلاف امرأة تقريباً.
وهو كتاب باللغة العربية عكف مؤلفه الدكتور محمد أكرم الندوي على تأليفه وجمعه أكثر من خمس عشرة سنة، ترجم فيه للنساء المسلمات اللاتي اشتغلن بالحديث النبوي الشريف سماعاً له وقراءةً، وإسماعاً له وروايةً، أو استجازة وإجازة، منذ العهد النبوي إلى يومنا هذا، وفي عامة مناطق المسلمين العرب والعجم.
والتقطت هذه التراجم من كتب أسماء الرجال، والمشيخات، وأثبات العلماء وفهارسهم، ومعاجم الشيوخ، والسماعات، المطبوعات منها والمخطوطات، والمحفوظات في بطون الكتب وصدور الرجال، مستفادة من مكتبات دمشق، وتركيا، ومصر، وبريطانيا، وألمانيا، والهند، والمغرب، وغيرها من مكتبات العالم.
ومقدمة الكتاب – وهي مجلدة مستقلة – دراسة تحليلية لمعلومات الكتاب، تلقي الضوء على أهم معالم تاريخ المرأة العلمي الزاهر، والنتائج المهمة التي توصلت إليها، وقد طبعت المقدمة ملخصة باللغة الإنكليزية منذ ثلاثة عشر عاماً، ونالت قبولاً واسعاً، والحمد لله تعالى.
الكتاب مرتب على الطبقات بمعناها الواسع:
أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (أزواجه أمهات المؤمنين وبناته رضي الله عنهن).
ثم سائر الصحابيات، ثم التابعيات، ثم سائر نساء القرن الثاني.
ثم قسمت التراجم إلى القرون: نساء القرن الثالث، والقرن الرابع إلى نساء قرننا ؛ أي : القرن الخامس عشر.
تحتوي التراجم بصفة عامة على اسم صاحبة الترجمة ونسبها ومولدها وشيوخها ورحلاتها وحياتها العائلية وتلاميذها وتفاصيل مروياتها ووفاتها مع الإحالة على مصادرها مفصلة.
ويحتوي الكتاب على معلومات متنوعة، وأخبار نافعة ممتعة في تراجم نساء كثيرات، ويمكن أن تُحوَّل إلى دراسات تخصصية مفردة.
فمثلاً كريمة المروزية من القرن الخامس الهجري، وشهدة الإبرية وفاطمة بنت سعد الخير من القرن السادس الهجري، وزينب بنت مكي من القرن السابع الهجري، وست الوزراء وفاطمة البطائحية وزينب بنت الكمال من القرن الثامن الهجري، وعائشة بنت ابن عبد الهادي ومريم الأذرعية وأم هانئ الهورينية من القرن التاسع الهجري. وكذلك قبلهن من الصحابيات والتابعيات وبعدهن من نساء القرون المتأخرة.. يستحققن أن يُفردن بدراسات شاملة، وتُخصص جوانب حياتهن المختلفة بالبحث والتحقيق، وتَنال معالمُ سيرهن الاهتمام والدراسة.
إن العالمات – كما يقرر هذا الكتاب – حققن الأهلية التي حققها الرجال من العلماء، تظاهر الرجال والنساء وتعاضدوا على تعليم أمور هذا الدين ونشر أوامر الله تعالى وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم في نطاق السنن الإسلامية المعروفة من الحياء والحشمة والوقار.
وكان للنساء نصيب عظيم في جميع مجالات علوم الدين وفروعها، وكنَّ – على ما يثبت هذا الكتاب بشواهد متظاهرة – يُرجَع إليهن في الفقه والفتوى والتفسير، وإنما عُني هنا بإبراز دورهن في مجال الحديث النبوي الشريف.
ومما تميزت به هذه النساء أنهن تنزهن عن التهم التي شابت الرواة من الرجال.
قال الإمام الذهبي: (وَمَا عَلمتُ في النِّسَاء مَن اتُّهِمَت وَلاَ مَن تَرَكُوهَا).
وقال الإمام الشوكاني: (لَم يُنقَل عَن أَحَد من العُلَماء بأنَّه ردَّ خَبَر امرَأَة لِكَونِهَا امرَأَة، فَكَم مِن سُنَّة قَد تَلَقَّتهَا الأُمَّة بالقَبُول مِن امرَأَة وَاحِدَة من الصَّحَابَة، وَهَذَا لا يُنكِره مَن لَه أَدنَى نَصِيب من عِلم السُّنَّة).
وشاركت هؤلاء النسوة الرجال في فقه الحديث وفَهمه، وشرح معانيه وتطبيقه على أنفسهنَّ وأسرهنَّ، والمجتمع كلِّه.
وتحدث الكتاب عن صور من تعبُدهنَّ وذكرهنَّ الله كثيراً، ومحبتهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقواهنَّ، وصبرهنَّ، وشجاعتهنَّ، وزهدهنَّ، وجودهنَّ، وحيائهنَّ، وحشمتهنَّ، وتواضعهنَّ، وحُسن خُلُقهنَّ، واتباعهنَّ السنن، واجتنابهنَّ البدع، وصلتهنَّ الرحم.
كما تحدث عن نماذج من حياتهنَّ الزوجية السعيدة، وتربيتهنَّ أولادهنَّ، ووعظهنَّ، وإسهامهنَّ في الإصلاح الاجتماعي.
والمتصفِّح لهذا الكتاب الحافل، والمطالع لمقدِّمته الواسعة، يجدُ شهادة عمليَّة في إكرام الإسلام للمرأة، وتحريرها التحرير الحق.
والله ولي التوفيق