بعد أيام من البحث، الطفل عدنان بوشوف،ذو إحدى عشرة سنة، القاطن بالجماعة الترابية بني مكادة
بمدينة طنجة، وُجد هذا اليوم السبت 12 شتنبر 2020م،مدفونا أمام منزل الجاني، فبعد ما خطفه المغتصب وإعتدى عليه جنسيا، وهتك عرضه، تمادى في جرمه وقتله، بل ودفنه في حديقة حي النصر بالشارع العام بالقرب من شقته التي يكتريها بمعية ثلاثة أشخاص آخرين..
الجاني المغتصب ينحدر من مدينة القصر الكبير، عازب، يبلغ من العمر 24 سنة، مستخدم بإحدى الشركات بالمنطقة الصناعية كزناية، يقطن بحي بني مكادة بمدينة طنجة..
بماذا يفسر هذا الفعل الشنيع من وجهة علم النفس؟
هذا الفعل بيدوفيلي، هو نوع من الإضراب يعاني منه الجاني، بحيث جسد الطفل يشكل له موضوع إغراء، عبر مجموعة من الأفكار والإستيهامات الجنسية المنحرفة، علميا المرتكبون لهذا الفعل يتميزون بالعدوانية، والعنف، يتصيدون فرصة إصطياد جسد الطفل.
الدراسات تقول ان المعتدي والغاصب المرتكب لهذا الجرم، 80٪ يكونون من محيط الاسرة، سواء من العائلة أو من الجيران والذين يعرفون محيط أسرة الضحية.
الفاعل لهذا الجرم، 70٪ يكونون تعرضوا للإعتداء الجنسي، وبالتالي يعيدون إنتاج هذا السلوك الذي مُورِس عليهم..
ويعيدون إنتاج هذا السيناريو، بمرارته وبشاعته، من التلذذ بجسد طفل بريئ، ونهش جسده، وقضاء شهوة حيوانية منحرفة، و إنتهاء بقتل الضحية، ودفنه من أجل طمس معالم الجريمة..
هل هناك علاج لمثل هاته السلوكيات المنحرفة؟
من خلال تجربتنا المتواضعة في الحقل السيكولوجي:
1-نوصي بتربية جنسية لفلذات أكبادنا، الأطفال، إبتداء من السن الثالثة من العمر.
2-يجب على المجتمع تحمل مسؤوليته، بالتحسييس والتتبع، والمراقبة، والعمل على سبل الوقاية..
3-تنبيه الأطفال بالإبتعاد عن كل شخص يشكل تهديد للسلامته الجسدية ولو من داخل الأسرة..
4-يؤكد الخبراء الدوليين في مجال حماية الطفولة أن المتحرش والمغتصب لأي طفل يتربص به بمعدل شهر تقريبا قبل ارتكاب فعلته ، حيث يمر من مراقبته ومراقبة تحركاته ، إلى القاء التحية عليه ، ثم كسب ثقته بهدايا كالحلوى وماجاورها ، الى لمسه وتقبيله قبل عادية ، وأخيرا استدراجه بسهولة تامة الى مكان خال للإنفراد به وارتكاب جريمته.
نصيحتي كأب أوجهها للآباء وللمربين بصفة عامة . خصصوا هامشا ولو ضيقا يوميا للحوار مع ابنائكم ومتعلميكم. وخاصة الآباء. عند طاولة العشاء مثلا أو اجعلوا أبناءكم يحكون لكم عن يومهم بشكل عام . وحللوا خطابهم واستنتجوا . مثلا اذا أخبرك ابنك او تلميذك ان شخص ما القى عليه التحية ، أو اشترى له حلوى ، فهي بداية المصيبة . تدخل قبل فوات الأوان. راقب إبنك من بعيد ولاحظ . أعود وأكرر ، تواصلوا مع أبنائكم ، استمعوا إليهم ،وابتعدوا عن الهاتف قليلا .
إن جريمة إغتصاب طفل بريئ لايمكن تصور آثارها النفسية والسيكولوجية، لأنها ببساطة جروحها لاتندم ولو بعد حين، ولو بعد التدخل النفسي السيكولوجي..
الوحش ليس هو ذلك الذي يشاهدونه أطفالكم في الرسوم المتحركة، و لا هو ذلك الذئب الذي يتربص من هو أضعف منه في الغابة، الوحش قريب من البيت من المخبزة، الوحش ليس في الغابة، هو بيننا يأكل و يمشي و يكتري بيتا فيه يغتصب و يقتل و بجانبه يدفن جثة طفل كان يلعب و يدرس و يحلم. طفل كان يسكن بالغابة الكبيرة الموحشة و المتوحشة التي ظنناها المدينة.
ما أبشع الحياة حين تنتهي فيها حياة طفل بهذا الشكل و ما أبشع الموت حين يأتي به القدر على يد وحش .
يقول البروفيسور المصطفى الحدية،
الاعتداء الجنسي على الأطفال!!
إن الاعتداء الجنسي يدخل في إطار الانحرافات والاضطرابات النفسية المرضية الناتجة عن نمو نفسجتماعي غير سوي تبعا لنوعية وخصوصيات البنيات الاسرية والتربوية التي تواجد فيها المنحرف
في طفولته وحتى في مراهقته.ان هذه البنية الأسرية التنشيءية بحكم ما يسود فيها من مناخ نفسي عموما وعلاقات خاصة بين أفرادها ،لاسيما إذا كانت هذه الأخيرة تتصف بالتوتر والقلق والضيق واللامبالاة والحرمان والتسلط في المعاملة، وفي حالات كذلك مطبوعة بالدلال والفشوش…إزاء الأطفال مما يؤدي ويسهل استدراجهم بسهولة من قبل المعتدين جنسيا.فعلى العموم تعتبر البنية الأسرية المتوازنة ،مجالا خصبا لنمو سليم.
مناسبة هذا الحديث هو تفشي ظاهرة الإعتداء الجنسي في المجتمع ، فحسب اطلاعنا على بعض الإحصاءات.تبين لنا بالفعل أن الظاهرة مقلقة وتتطلب منا كلنا العناية الدقيقة في سبيل بناء مجتمع متوازن خال نسبيا من الاضطرابات والانحرافات المرضية .2800 اعتداء جنسي على الأطفال، ضمنها536اغتصابا و1756هتك عرض بالعنف ومع الأسف من المتابعين أباء واشقاء ،هذه المعطيات حسب آخر تقرير لرئاسة النيابة العامة.
إن الظاهرة لها ما يفسرها وتستدعي منا في مجال العلوم النفسية والاجتماعية والقانونية والتربوية كل الاهتمام. والمطلوب استعجالا هو الحيطة والحذر فيما يتعلق بالأطفال من قبل الآباء وكل إنسان سوي يقدر مخاطر الاعتداء الجنسي على نفسية وحياة الشخص في الكبر.
ماهو رأي الدين في هذا الفعل الشنيع؟
ما فعله هذا المجرم يسمى حرابة، وحكمه في الإسلام أنه يقتل ويصلب، قال تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
الله الرحيم الذي خلقه يأمرك يا ولي الأمر أن تقتله أو تصلبه أو تقطع يديه ورجليه من خلاف، فهل نحن أعلم أم الله؟ أم أننا أرحم بالخلق من الله؟
إن ما حصل لعدنان قد يحصل لولدي وولدك، ولا حل في قوانين البشر يمكنه أن يردع هؤلاء، فالله الذي خلقهم يقول لك هذا هو الحل معهم، ويقول لك {ولكم في القصاص حياة} فلماذا كل هذا التمرد على شريعة الله؟ ولماذا يزعم الجاهل أنه أرحم بالخلق من الخالق؟
أنا لا أطالب بإعدام هذا القاتل وإنما بإقامة حد الحرابة عليه، كي يكون عبرة لغيره، فشهوة عابرة قضاها هذا الحيوان، أصبحت سببا لشقاء أسرة بل مجتمع بكامله، فكم من الرعب بث في الأسر، وكم من الأسى والحزن وزعه على الشعب المغربي بأكمله.
من حق كل مواطن أن يطالب بحقه العام في هذه الجريمة، فقد طعننا هذا المجرم في أكبادنا هذا الصباح، ونحمل المسؤولية للدولة بكل مؤسساتها ونطالبها أن تطبق في هؤلاء وفينا شرع الله، فنحن قابلون بحكم الله، وراضون بعقوباته، ومستعدون للتحاكم إليها جميعا، لا أحد منا فوق الشريعة، بل هذا هو أصل التعاقد بين الحاكم والمحكوم، قال ملك الملوك {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} وقال {أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فهل نظن أن هناك حكما أحسن من حكم الله؟ وهل يعرف أحد حقوق الإنسان مثل خالقه الذي خلقه وكرمه وجعله خليفة؟
وأنت يا والد عدنان، نقول لك اصبر واحتسب، فولدك ولدنا ومصابك مصابنا، وليجعل الله ولدك شهيدا يتقلب الان في الجنة إن شاء الله…
وأنتم أيها الآباء، لا تغفوا عن تحصين أبنائكم بالأذكار التي كان يحصن بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين، وكان يحصن بها إبراهيم عليه السلام ولده إسماعيل، فالله هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
✍هامش سريع على حادث مؤلم:
لا ألفاظ في اللغة يمكن أن تحيط بقبح وبشاعة الجرم الذي ارتكبه الوحش الحقير في حق الطفل البريء عدنان رحمه الله.. ولا سلوى يمكن أن تطفئ لهيب الحزن في قلبَي والديه وقلوب المغاربة عامة جراء الأفعال الشنيعة التي تعرض لها الطفل الصغير..
غير أن القصاص من المجرمين بما هو حق لأسرته ولمجتمعه يعني الضرب بقوة لا تردد فيها على أيدي السفلة الذين يعتدون على صغارنا الأبرياء إرضاء لنزواتهم البشعة..
ان هذه الجريمة بفداحة ثمنها وشدة ألمها يمكن أن تتحول إلى نقطة نهاية لهذه المآسي إذا تمت معاقبة هؤلاء المجرمين بعقوبات تردع كل النوايا الإجرامية المماثلة في النفوس المريضة.. بما يشيع الأمن النفسي لدى الأسر وأطفالها..
قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179].. أي أن تنفيذ الحكم الشرعي في مستحقه يضمن حياة الأمان المجتمعي لعموم الناس.. ويذهب وساوس الخوف والريبة التي تعصف بالحياة..!.
رحم الله الطفل عدنان وألهم ذويه الصبر والسلوان ،
وإنا لله وإنا إليه راجعون . وأقصى العقوبة للجاني ليكون عبرة لغيره. ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب..
ماهو رأي القانون في هاته النازلة؟
تحليل هاديء للمحاميةسعاد الرغيوي
بداية ندين جميعا الجريمة التي تعرض لها الطفل عدنان، وبالتأكيد نتعاطف مع أهله.
ولا بد من حفظ مركز الضحية وذويها في مثل هذه الحالة وإيلاءها العناية الكاملة.
وطبعا يجب ان تتحقق العدالة.
لكن ما معنى العدالة؟
الجريمة/ الحدث أصبحت الآن واقعا، لا شيء سيعيدنا إلى ماقبلها.
العقاب لا يوقف الجريمة ولا يحد منها، المجتمعات التي تنتهج مقاربة دراسة الجريمة ودراسة طبيعة المجرم ثم تعالج وتتصدى عبر الدراسة والعلم أصبحت تغلق السجون، والمجتمعات التي تحكم عاطفتها قبل عقلها، وتنجرف في تيار الانتقام والعقاب تتزايد فيها الجريمة وتتطور وسائل الإفلات من العقاب لدى المجرم وتكثر فيها بنايات السجون.
لماذا الطفل عدنان حظي بكل هذا التعاطف؟ غيره كثير يتعرض لما تعرض له ولأبشع، طفلات وأطفال، صغار وكبار.
لأنه واحد “منا”، طفل جميل، أنيق، قد يكون ابن أي منا او أخا صغيرا لأي منا. ليس “ابن الشارع”، ليس من “الهامش”. وصلت الجريمة إلى باب المستنكر إذن، لم تعد بعيدة، لم يعد تعاطفا إذن، بل خوف.
نمر يوميا على أطفال الشوارع، نراهم بأعيننا ولا نريد أن نرى أنهم محرومون من كل أسس الحياة الكريمة لأي إنسان فبالأحرى للأطفال، لا نسألهم كم مرة يتم اغتصابهم في اليوم، لأنهم ليسوا “منا”، لا نفعل شيئا، لا نستنكر، لا نرى الجريمة ولا نطالب بإنزال العقاب.
نحن مطبعون مع كل انواع الجرائم التي لا تمسنا، اغتصاب “أطفال الشوارع”، أغتصاب النساء، اغتصاب سنوات من حياة الشباب العاطل المنتظر لفرصة الإرتماء في البحر.
ردود الفعل العاطفية والمنفعلة لن تعيد عدنان ولن تحمي غيره، لأن من ارتكب الجرم هو نحن جميعا، هو مجتمعنا، مرتكب الفعل ليس إلا اليد التي نفذت، هو واحد منا، وغدا، وإن قتلنا هذا “المنفذ”، سيخرج آخر، فنحن مجتمعا ونظاما أنتجنا منه الكثير.
محاربة الجريمة لا يتم بارتكاب جريمة أخرى، بل هو أعمق من ذلك بكثير، وأكثر تكلفة وجهدا.
السياسة الجنائية التي تعتمد على العقاب سياسة فاشلة.
الدول التي تطبق عقوبة الإعدام تزداد فيها الجريمة وتتطور.
الدول التي تطبق عقوبة الإعدام تستغلها أيضا ضد المعارضين السياسيين.
عقوبة الإعدام حل محدود جدا في مفعوله إذ ينصرف للجاني وحده، حل جبان وسهل لمشكل اجتماعي يتطلب معالجة علمية مبنية على علم النفس والاجتماع والطب وغيرها.
عقوبة الإعدام ” أن تقتل من قتل لأنه قتل”.