- الكلمة المفتاح في فلسفة سارتر هي كلمة “وجود” ، لكن هذا المصطلح لا يعكس فقط فعل الوجود. فالنباتات و الحيوانات موجودة ، هي أيضاً تعيش ، مع فارق أنها لا تهتم بما يعنيه ذلك. أما الإنسان فهو الكائن الحي الوحيد الذي يعي وجوده. فأن تكون إنساناً ، لَشيء مختلف عن أن تكون شيئاً.
- هذا معروف و حتمي.
- وبالطريقة نفسها يرى سارتر أن الوجود يسبق كل تفسير نحاول إعطاءه له. فواقع أو فعل أنني موجود يسبق السؤال : ما أنا ؟. الوجود يسبق الجوهر. يقول سارتر.
- أف هذه جملة معقَّدة.
- نقصد بالجوهر : ماهية الشيء ، ما يتشكَّل منه ، أي طبيعته ، أو كيانه. لكن سارتر لا يعتقد بأن للإنسان طبيعة فطرية من هذا النوع ، لذلك عليه أن يخلق نفسه ، يخلق طبيعته ، جوهره ، لأنها لا تكون معطاة منذ البداية.
- أعتقد أنني أفهم ما تقصد.
- طوال تاريخ الفلسفة ، تساءل الفلاسفة عن جوهر الإنسان ، عن طبيعته. لكن سارتر يعتقد بأن الإنسان لا يملك طبيعة أبدية من هذا النوع. لذلك لا معنى لطرح أسئلة عن معنى الحياة بشكل عام. بعبارة أخرى : نحن محكومون بالارتجال ، فنحن أولئك الممثلون الذين دفع بهم المسرح ، دون إعطائهم دوراً محدداً ، دون مخطوطة في اليد ، ودون ملقِّن يهمس لهم بما عليهم أن يفعلوا. إن علينا وحدنا أن نختار كيف نعيش حياتنا.
- في الواقع هذا صحيح. إذ سنكون خائفين لو اكتفينا بفتح الكتاب المقدَّس ، أو أحد كتب الفلسفة لنعرف كيف يتوجب علينا أن نعيش.
- لقد فهمت كل شيء ، ولكن عندما يعي الإنسان وجوده ، و الموت الذي ينتظره يوماً ، وعندما لا يجد تفسيراً يتعلق به ، يتملَّكهُ القلق على حد قول سارتر.
- نعم.
- يضيف سارتر أن الإنسان يشعر بنفسه غريباً جداً في عالم يفتقر إلى المعنى ، وعندما يصف هذه الغربة عن العالم يلتقي مع طروحات هيغل و ماركس. فهذا الإحساس بالغربة على الأرض ، يخلق إحساساً باليأس ، بالضجر ، بالقرف ، بالعبثية.
- لايزال هناك كثيرون ممن يعتقدون بأن كل شيء فاسد وبأن العالم تافه.
- تذكرين أن عصر النهضة قد أبرز بطريقة احتفالية حرية الإنسان واستقلاليته ، في حين يرى سارتر أن الحرية ثقل مرعب.
- الإنسان محكوم بأن يكون حراً. ذلك أنه ما إن يُرمى في العالم حتى يصبح مسؤولاً عن كل ما يفعل.
المصدر
▪ عالم صوفي،، جوستاين غاردر،،