بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين على نعمه كلها، الظاهرة والباطنة، ما علمنا منها وما لم نعلم، وأفضل الصلاة، وأزكى التسليم، على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، أيها السادة؛
أتوجه باسمي، وباسمكم جميعا، إلى الله عز وجل بالشكر أن وفقنا لهذا اللقاء،الذي أرجو أن يكون له ما بعده من الثمرات التي ترضي الله عز وجل، والتي تحل الكثير من مشكلاتِ هذه الأمة والتي تقربنا جميعا زلفا إلى الله سبحانه وتعالى.والشكر بعد ذلك للسادة الذين سهروا على تنظيم هذا اللقاء، والشكر مقدما لرعات هذا المؤتمر الذي يأتي كما أرجو من الله بلسما لكثير من أدوائنا في الميقات المناسب، لم يشكر الله عز وجل لم يشكر الناس؛ كما قال معلم البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم. السادة الحضور، في حَاضِرِ الإعِلَامِ الغَرْبِيِّ عُموماً، وفي عَدَدٍ مِنْ مُؤْتَـمَرَاتِ الشَّرْقِ والإسلام الـمُحْدَثَة، فَشَا الَجدَالُ حَوْلَ ظَاهِرَةِ “الخَوْفُ أو الرُّهَابُ الإسلامي” أو مَا يُسَمَّى “”الإسلام فوبيا”” وَتَقَاطَرَتْ فِي شَأْنِهِ الآراءُ وَالتَّحَالِيلُ وَالـمُقْتَرَحَاتُ مِن كُلِّ حَدَبٍ مِنْ حِدَابِ العَالَمِ الإسلامي والغَرْبِيِّ عَلى السَّوَاءِ. وَلَعَلَّهُ لَن يَخْفَى عَلَى الرَّاصِدِ والـمُتَبَصِّرِ أَنَّ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ قَدْ غَدَتْ فِي حَيِّزِ العَيَانِ الـمَشْهُودِ، وَأَنَّهُ اخْتِيرَ لَهَا تَعْبِيرٌ يَنُمُّ عِنْ كَثِيرٍ مِنْ حَقِيقَتِهَا، وَهُوَ الْفُوبْيَا. وبِالنَّظَرِ إلى الْحَالَةِ الّتِي تَمُرُ بِهَا أُمَّتُنَا الإسلاميةِ والْأَحْدَاثِ التي شَهِدَهَ العالمُ الإسلاميُ مُؤَخَّراً، فَإِنَّهُ فِي وَاقِعِ الْأَمْرِ يُنِيطُ بِالْمُسْلِمِينَ وِبِمُفَكِّرِيهِم وَعُقَلَائِهِمْ مَسْؤُولِيَّاتٍ جِسَاماً، وَيَفْرِضُ عِليْهِم حَالَةً مِن النَّفِيرِ الثَّقَافِيِّ وَالْعِلْمِيِ وَالْإِعْلَامِيِّ، وَتَحْرُّرِهِمْ مِنْ دَوْرِ الضَّحِيَّةِ، وَمن التَّعَلُّقِ الزَّائِدِ بِفِكْرَةِ “الْمُؤَامَرَةِ” التي تُلْقِي بِأَسْبَابِ تَخَلُّفِهِم وَإِخْفَاقِهِمْ الحَضَارِيِّ عَلى الآخَرِين، لِتَنْهَضَ بِهِم فِي اقْتِدَارٍ وَعَزِيمَةٍ إلى ابْتِدَارِ جَادَّةِ الإِصْلَاحِ الذَّاتِيِّ أَوَّلاً، مِن خِلَالِ الْوَفَاءِ الْحَقِيقَي لِذِمَامِ الإسلامِ وَقِيَمِ القُرآنِ وَكَرَامَةِ الإنْسَانِ، مِن قَبْلِ الاهْتِمَامِ بِكَسْبِ اسْتِحْسَانِ الآخَرينَ أَوْ مُحَاكَاتِهْم فِي طَرَائِقِ التَّفْكِيرِ والْمَعَاشِ. ولا مَحِيدَ فِي هَذَا السِّيَاقِ عن تَبَنِّي بَعْضِ الخُطُواتِ العِلْمِيةِ فِي تَحْجِيمِ ظَاهِرَةِ “الإسلام فوبيا” والْحَدِّ مِن شُيُوعِهَا، وَمِنْ ذَلكَ:
1- تَسْخِيرُ عَدَدٍ مِنْ وَسَائِلِ الإعْلَامِ بِشَتَّى صُوَرِهِ وَتَوْظِيفِ كُلِّ الوَسَائِلِ التي مِنْ شَأْنِهَا التَّأثِيرُ فِي عَقْلِيَةِ الْمُتَلَقْي الْغَرْبِيِّ، وَتَصْوِيبِ رُؤْيَتِهِ الْمُنْحَرِفَةِ حَوْلَ جَوْهَرِ الإسْلَام وَرُقِيِّ مَبَادِئِهِ وَحَضَارَةِ وِجْهَتِهِ.
2- إِنْشَاءُ مَرْصَدٍ لِجَمْعِ وَمُتَابَعَةِ وَتَحْلِيلِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْأَفْكَارِ التي تَتَنَاوَلُ الإسلامَ وَحَضَارَتَهُ بِالتَّشْوِيهِ والتَّحْرِيفِ بِالتَّنْسِيقِ مَع الْمُؤَسَّسَاتِ الإسلاميةِ وَأَرْبَابِ الْفِكْرِ وَالْقَلَمِ.
3- تَعْزِيزُ الانْفِتَاحِ عَلى الْمُؤَسَّسَاتِ الْغَرْبِيَةِ الْوَاعِيَةِ والنَّزِيهَةِ، إِفَادَةً واسْتِفَادَةً.
4- تَوْظِيفُ السِّيَاحَةِ الثَّقَافِيَّةِ في تَصْحِيحِ الْأَفْكَارِ الغَالِطَةِ وَالْمُوْرُوثَاتِ الْوَاهِمَةِ حَوْلَ الإسلامِ وَشَرِيعَتِهِ لَدَى أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ.
5- الْحَدُّ مِن لَهْجَةِ الانْفِعَالِ والتَّشَنُّجِ في الخِطَابِ الإسلاميِّ، لِما تُفَوِّتُهُ مِن فُرَصٍ كُبْرَى لِخِدْمَةِ الإسلامِ، وَالْكَشْفِ عَنْ مَذْخُورِ فَضَائِلِهِ وخَصَائِصِهِ.
6- التَّوْكِيدُ على أنَّ الْحِفَاظَ عَلَى الْهَوِيَّةِ الإسلاميةِ لَا يَتِمُّ مِن خِلَالِ العُزْلَةِ بَلْ قَد تَتَوَلَّدُ عن ذلك عُقَدٌ نَفْسِيَةٌ تُذْكِي التَّعَصُّبِ وَتُكَرِّسُ الانْغِلَاقَ، وَتَقْتُلُ كُلَّ فُرْصَةٍ لَأَرْيَحِيَةِ العَمَلِ الدَّعَوُيِّ الرَّشِيدِ بالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ،
فَإنَّ الحِفَاظَ عَلَى الْهَوُيَّةِ الإسلاميةِ يَتَدَعَّمُ بِإِيجَادِ صِيغَةٍ عَادِلَةٍ للشَّرَاكَةِ الاجْتِمَاعِيَةِ مَع الْمُجْتَمَعَاتِ الغَرْبِيَّةِ، تَتَّسِقُ وَرُوحَ الإسلامِ وَمَقَاصِدَهُ الْحَضَارِيَّةَ وتَوْجُّهَاتِهِ الْعَالَمِيَّة، وذَاكَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرَاكَةَ الاجتماعيَّةَ، بِقَدْرِ مَا تُتِيحُ فُرْصَةَ مَعْرِفَةِ الآخَرِ فِي وَعيٍ وَجِدِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُتِيحُ كَذَلِكَ فُرْصَةً حقيقيةً لِمُرَاجَعَةِ الذَّاتِ واكْتِشَافِ مَدَى وَفَائِهَا لِمَسْؤُولِيَاتِهَا الإنسانيةِ، والحقيقةُ هِيَ أنَّ مُرَاجَعَةَ الذَّاتِ تَحْتَاجُ إلى الوَسَطِ الْمُتَنَوِّعِ أَكْثَرَ مِن احِتِيَاجِهَا إلى الوَسَطِ الْمُتَجَانِسِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].و أَخِيراً وَلَيْسَ آخِراً فَإِنِّ أَدْعُوكُمْ لِلتَّعَاوُنِ وَالْعَمَلِ الْمُشْتَرَكِ لِتَحْجِيمِ ظاهرة “الإسلام فوبيا” والحَدِّ مِن شُيُوعِهَا؛