احذروا الشهوة الخفية فى الاعمال الصالحة ….احذروها …احذروها ….احذروها
لا أحد يزكي نفسه ، ولا أحد لا يخاف من الفتنة ، ما دام الإنسان على قيد الحياة ؛
فهو معرض للفتن ، فقد ضل علماء أحبار وزلت أقدامهم ، وختم لهم بالسوء ، وهم علماء ، فالخطر شديد ، ولا يأمن الإنسان على نفسه أن تنزلق قدمه في الضلال ،
نسأل الله الثبات والعافية ، ولا نستهزيء بالضالين ..
الشهوة الخفية
ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻦ ( ﺃﺣﻤﺪَ ﺑﻦِ ﻣﺴﻜﻴﻦ ) ؛ ﺃﺣﺪِ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ( ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ) ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ،
ﻗﺎﻝ – رحمه الله – :
« ﺍﻣﺘُﺤِﻨﺖ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ( ﺳﻨﺔ 219هجريه ) ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻃﻔﻠﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻉ ﻳﺨﺴِﻒ ﺑﺎﻟﺠَﻮﻑِ ﺧﺴﻔﺎ، ﻓَﺠَﻤﻌْﺖُ ﻧﻴّﺘﻲ ﻋﻠﻰ ( ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ) ﻭﺍﻟﺘﺤﻮّﻝ ﻋﻨﻬﺎ ،
ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺃﺗﺴﺒﺐ ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻠﻘﻴﻨﻲ ( ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ ) ؛ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ؛ ﻓﺪﻓﻊ ﺇﻟﻲ ( رقاﻗﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ) ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻠﻮﻯ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻃﻌﻤﻬﺎ ﺃﻫﻠﻚ ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻱ .
فلما كنت ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻴﺘﻨﻲ ( ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻲ )، ﻓﻨﻈَﺮَﺕْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮقاقتين ﻭﻗﺎﻟﺖ : « ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ، ﻫﺬﺍ ﻃﻔﻞ ﻳﺘﻴﻢ ﺟﺎﺋﻊ ، ﻭﻻ ﺻﺒﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﻉ ، ﻓﺄﻃﻌﻤﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ » ، ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲّ ﺍﻟﻄﻔﻞُ ﻧﻈﺮﺓ ﻻ ﺃﻧﺴﺎﻫﺎ
ﻓﺪﻓﻌﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﺧﺬﻱ ﻭﺃﻃﻌﻤﻲ ﺍﺑﻨﻚ ! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﺻﻔﺮﺍﺀ ، ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻱ ﻟﻤَﻦ ﻫﻮ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ، ﻓﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ،
ﻭﺃﺷﺮﻕ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﺒﻲ .
ﻭﻣﺸﻴﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻬﻤﻮﻡ ، ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ، ﻭﺇﺫ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ؛ ﺇﺫ ﻣﺮّ (ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ) ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺮحا ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ ، ﻣﺎ ﻳُﺠﻠﺴﻚ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ ؟!
ﻗﻠﺖ : ﺳﺒﺤﺎﻥ الله !
ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻧﺼﺮ ؟!
ﻗﺎﻝ : ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ مِن ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻚ ﺃﻭ ﺃﺣﺪٍ ﻣِﻦ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻭﻣﻌﻪ ﺃﺛﻘﺎﻝٌ ﻭﺃﺣﻤﺎﻝٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ !
ﻓﻘﻠﺖ : ﻣﺎ ﺧﺒﺮﻩ ؟!
ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﺗﺎﺟﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻙ ﺃﻭﺩَﻋﻪ ﻣﺎﻻً ﻣِﻦ (ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ)! ﻓﻌﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠّﻞ ، ﻓﺠﺎﺀﻙ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺑﺤﻪ
ﻓﻲ ( ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ) .
ﻳﻘﻮﻝ ( ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻜﻴﻦ ) : ﺣﻤﺪﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﺗﻪ ، ﻭﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎجه ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﻜﻔﻴﺘﻬﻤﺎ ﻭﺃﺟﺮَﻳﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺭِﺯﻗﺎ ، ﺛﻢ ﺍﺗّﺠﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺃزيد ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ .
ﻭﻛﺄﻧﻲ ﻗﺪ ﺃعجبتني ﻧﻔﺴﻲ ،
ﻭﺳﺮّﻧﻲ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ مُلأَت ﺳِﺠِﻼﺕُ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔِ ﺑﺤﺴﻨﺎﺗﻲ ،
ﻭﺭﺟﻮﺕ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﻛُﺘِﺒﺖُ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ من ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ !
ﻓﻨﻤﺖُ ﻟﻴﻠﺔً ؛ ﻓﺮﺃيت كأنني ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻳﻤﻮﺝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻭُﺳِّﻌَﺖ ﺃﺑﺪﺍﻧُﻬﻢ ، ﻓﻬﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣﺠﺴﻤﺔ ، ﺛﻢ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ ، ﻭﺟﻲﺀ ﺑﻲ ﻟﻮﺯﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ ، ﻓﺠُﻌِﻠﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻛِﻔﺔ ، ﻭﺃﻟﻘَِﻴﺖ ﺳِﺠﻼﺕُ ﺣﺴﻨﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻓﻄﺎﺷﺖ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ ، ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ
ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺻﻨﻌﻪ !
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺤﺖ ﻛﻞ ﺣﺴﻨﺔٍ
( ﺷﻬﻮﺓٌ ﺧﻔﻴﺔٌ ) ﻣِﻦ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻛﺎﻟﺮﻳﺎﺀ ،ِ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭِ ، ﻭﺣﺐِ ﺍﻟﻤَﺤْﻤﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻠﻢُ ﻟﻲ ﺷﻲﺀ، ﻭﻫﻠﻜﺖُ ﻋﻦ ﺣﺠﺘﻲ ،
ﻭﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ : ﺃﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪﺷﻲﺀ ؟
ﻓﻘﻴﻞ : « بقي ﻫﺬﺍ ، ﻭانا ﺃﻧﻈﺮ ﻷﺭﻯ ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻫﺎﻟﻚ ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃُﺣﺴِﻦُ بمئةِ ﺩﻳﻨﺎﺭٍ ، ﻓﻤﺎ ﺃﻏﻨَﺖ ﻋﻨﻲ ، ﻓﺎﻧﺨﺬﻟﺖ ﺍﻧﺨﺬﺍﻻً ﺷﺪﻳﺪًﺍ ، ﻓﻮُﺿِﻌَﺖ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻜﻔﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺗﻨﺰﻝ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ ، ثم ﻭُﺿﻌﺖ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻜﺖ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻣﻦ ﺇﻳﺜﺎﺭﻱ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻜﻔﺔ ﺗﺮﺟُﺢ ،
ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺟُﺢ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ ﻳﻘﻮﻝ : ” ﻗﺪ ﻧﺠﺎ .قد نجا “.
خاتمة : لا يبقى العمل الصالح في ميزان الحسنات إلا إذا كان خالصاً لله ).
فلا يعجب المرء بعمله ؛ حتى وإن كان كبيراً فهو مال الله ، قد ابتلانا به ليرى صنيعنا فيه..
{ فلا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق } { واتقوا النار ولو بشق تمرة }
اللهم وفقنا للأعمال الصالحة ، واجعلها خالصة لوجهك الكريم ، وتقبلها منا يا الله …