الابتزازالعاطفي هو أحد أشكال التلاعب النفسي – ويحدث خلاله استخدام منظومة من #التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه في محاولة للسيطرة على #سلوكه”. “يتضمن الابتزاز العاطفي عادة.. شخصين تجمع بينهما #علاقة شخصية قوية، أو علاقة حميمية (الأم والابنة، والزوج والزوجة، والشقيقتين، الأصدقاء المقربين).” وعند التعرض #للابتزاز العاطفي “يصبح الشخص #رهينة عاطفية للآخر”.
فالأمر يحدث كما أوضحه جين باودريلارد بقوله:
“إذا لم تقدم لي كذا، فأنت المسؤول عن انهيار عصبي”.
يستخدم #المبتز_العاطفي الخوف، والالتزام والشعور بالذنب في علاقاته، متأكدًا من أن الضحية تشعر بالخوف من إغضابه، والالتزام تجاهه #بتوفير كل ما يلزمه، والشعور #بالذنب إن لم يفعل: ابتكر فوروارد وفريزر الاختصار (FOG) ويعني “ضبابًا” ويشير إلى الخوف (Fear) والالتزام (Obligation) والشعور بالذنب (Guilt) والذي دائمًا ما ينتج عن التعرض للابتزاز العاطفي في علاقة بشخص يعاني من #اضطراب الشخصية.
_الأنواع…🌹
حدد فوروارد وفرايزر #أربعة أنواع من الابتزاز يتميز كل منه #بأسلوب تلاعب عقلي خاص:
العقاب – شعاره “أنا وليكن من بعدي الطوفان”. وبصرف النظر عما تشعر به أو تحتاجه، يتجاهله المعاقب.
العقابالذاتي – “يلعب الذين يقومون بالعقاب الذاتي دور “الناضج” – البالغ الوحيد في العلاقة… فيفترض بأن عليه أن يسرع عندما يكونون في حاجته”
_المعاناة – يتخذ المعانون موقفًا “إذا لم تفعل ما أريده منك فسوف أعاني، وأنت من يتحمل مسؤولية ذلك”
_التعذيب – المعذبون هم أكثر المبتزين مكرًا، فهم لا يقدمون شيئًا عن طيب خاطر….🌱
“بيكا” في الأصل هي كلمة لاتينية تشير إلى الغراب الذي يأكل بشراهة كل شيء، ومرضى “بيكا” يعانون من حبهم لالتهام أشياء غير قابلة للاكل، كالتراب والطين، وحتى الأوساخ والطلاء والشعر واي شيء آخر.
يذكر ان ما بين 20 و 30 بالمئة من الاطفال حول العالم يعانون من مرض “بيكا“، وما يقارب 20 بالمئة من اولئك الاطفال يعانون من مشاكل عقلية.
ان نقص عنصر الحديد عند الحوامل طوال فترة الحمل يؤدي الى تحولهن الى مرضى “بيكا“، ويعتقد بأن نقص المواد الأساسية المغذية في الجسم مثل الحديد والزنك والكالسيوم والثيامين والنياسين وفيتامين “سي” و“دي” أهم أسباب المرض.
أسباب نفسية :
المسببات ذات المنشأ النفسي عديدة، ونذكر منها نظرية عدم امتلاك القدرات العقلية التي تساعد على التفرقة بين ما يصلح وما لا يصلح للاكل، اضف اليها التوتر العاطفي الناتج عن اهمال الوالدين للاولاد، او المشاكل العائلية بين الوالدين.
أسباب فيزيولوجية :
احدى النظريات الفيزيولوجية تختص بمشكلة انزيمات منظمة الشهية في دماغ الانسان، حيث ان تم تعطيلها او تغييرها يؤدي إلى تغير شهية الشخص تجاه الطعام الذي يصادفه، خصوصا ان كان لديه نقص في احد العناصر، عندها يحاول الدماغ حث الشخص على تناول اشياء اخرى على امل ان يجد فيها العنصر الناقص، بعد ان يكون الدماغ قد يئس من الحصول عليها من المصادر المعروفة كالطعام المعتاد.
التصنيف العلمي :
متلازمة “بيكا” هي مرض يصيب الإنسان من مختلف الفئات العمرية، ومن الجنسين ومن كل الاعراق، لكنه يصيب فئات اكثر من فئات اخرى، مثل الحوامل والاطفال في المراحل المبكرة، والاطفال الذين يعانون من التوحد والاشخاص الذين يعانون من نقص وسوء التغذية وخصوصا نقص الحديد والزنك، ولهذا المرض فئات صنفها العلم حسب نوع المادة التي يلتهمها المرضى، فإن كانوا يأكلون التراب والطين فهذا النوع من الاكل يدعى geophagia، والثلج يدعى pagophagia، والنشويات غير القابلة للاكل amylophagia، واكل اعواد الثقاب المشتعلة يعرف بـ Cautopyreiophagia، اكل الخشب Xylophagia واكل الزجاج Hyalophagia.
المشاكل التي تواجه مرضى “بيكا“ :
ليس من المستغرب ان تكون عواقب تناول الأطعمة وخيمة، لكن من الضروري الاشارة إلى ان ذلك يختلف باختلاف ما يتم تناوله بالضبط.
والتسمم هو اهم تلك العواقب، خصوصا بعد تناول رقائق الرصاص التي تتواجد في اصباغ الحائط.
التهابات حادة: وبالتأكيد فإن اكل القاذورات وخصوصا الطينية منها يعرض المريض للالتهابات والاصابات بالديدان.
وثمة مشاكل أخرى، منها ما يصيب الجهاز الهضمي، مثل المريء والمعدة (النزيف والقرحة والانسداد)، وأخرى تصيب الاسنان واللثة واللسان، كما ان تساقط الشعر يكون اسرع لدى المرضى بهذه المتلازمة.
العلاج :
عادة يكون العلاج بحسب التشخيص الذي توصل اليه الطبيب المختص، فإن كان هناك نقص في عنصر كالحديد او الزنك وغيرها، فإن إمداد المريض بتلك المعادن الناقصة تعد العلاج الامثل.
واذا كان السبب نفسي فانه من الجيد اعطاء المرضى ادوية تعزز عمل الناقل العصبي المسمى الدوبامين وأدوية اخرى تساعد المرضى على التخلص من التوتر العاطفي، ويعيدهم الى حالة نفسية متوازنة.
ويترافق اعطاء هذه الادوية مع علاج سلوكي من خلال مراقبة المريض وتعليمه على تناول انواع محددة وسليمة من الاطعمة، والعمل على تعزيز الحس الشعوري لدى المرضى، واستخدام اجهزة وقاية خاصة توضع في الفم لمنعهم من تناول اي شيء.
تستعين جحافل “خبراء” التنمية البشرية بممارسات بعض الأنظمة العربية للتأثير في الشباب (أ.ف.ب) كيف تكسبين زوجاً صالحاً وجميلاً؟
كيف تجد زوجة صالحة، جميلة وطيعة؟
كيف تربين أولادك تربية دينية صالحة؟
كيف تبني مستقبلاً زاهراً في أقصر فترة؟
كيف تصبح غنياً بشركات وحسابات بنكية في بقاع الدنيا؟
كيف تصبح رئيساً أو مديراً عاماً ناجحاً؟
كيف تصبح قائداً ناجحاً في السياسة والعسكر والمؤسسات؟
كيف تصبح…؟
والصباح لن يطلع بتاتاً!
هذه الأسئلة وأخرى كثيرة لها أجوبة جاهزة عند ما يسمى ميليشيات خبراء “التنمية البشرية”. كل الحلول مقدمة على طبق من “خطاب” ذي “بلاغة” منفوخة ومثيرة.
أن تستمع إلى “خبراء” “التنمية البشرية”، فلن تصيب من الحياة إلا جميله، ولن تخطئ بتاتاً النجاح والمال والجاه والنساء والبنون والجنة! كل مفاتيح “النجاح” بين أيديهم، بما فيها مفاتيح الجنة!
حيثما كان الجهل مستفحلاً نَشِط دجلُ ميليشيات “التنمية البشرية” وترعرع، إن من يتابع واقع المجتمعات العربية والمغاربية، وبالأساس في العقدين الماضيين، يكتشف وجود هذه الظاهرة الغريبة الطاغية على المجتمع الثقافي والإعلامي، وهي ما اصطلح على تسميته دورات “تدريب في التنمية البشرية”. وهي عبارة عن “كذبة كبيرة” صدقتها العامة من المواطنين البسطاء وخصوصاً الشباب، وعلى وجه الخصوص الفتيات، وما أكثرهن، ومن مختلف الأعمار، وهي الفئات التي تعاني هشاشة اجتماعية أو فكرية أو سياسية أو نفسية، في مجتمعات تغيب فيها الصحة الفكرية والثقافية والفنية وتحارب فيها الأفكار والفلسفات الجديدة التي تفتح المواطن على سؤال العصر وعلى علاقة الأنا بالآخر.
للتأثير في الشباب الضائع، شباب من دون بوصلة فكرية، من دون أحلام إيجابية، تستعين جحافل “خبراء” التنمية البشرية بممارسات بعض الأنظمة السياسية العربية والمغاربية التي تريد تكريس الجهل و”الاتكال” و”المكتوب”، فكل طرف له مصلحة في الآخر. والنتيجة في النهاية الإبقاء على مواطن مسلوب الإرادة، غير قادر على المبادرة الفردية والجماعية لمواجهة وضعه بشكل نقدي عميق. بالتالي، التمكن من التحكم في مصيره بسهولة.
إذاً، هناك تحالف استراتيجي علني أو مستتر ما بين الأنظمة السياسية وقادة دجل “التنمية البشرية” من أجل سلب المواطن وعيه وتجفيف منابع الإبداع فيه والحجر عليه في دائرة الاستسلام و”الحاجة”.
ما يسمى بحلقات أو جمعيات أو نوادي أو دورات أو أوكار “التنمية البشرية” هي خطر على الفرد والمجتمع من حيث أن المشرفين عليها يمارسون، وبكثير من “المكر” الفكري والأخلاقي، عملية غسيل مخ للشباب الذي يعيش انكساراً اقتصادياً، في أوطان ما عادت تسمح بالحلم في التغيير، حيث الإحباط في كل مجالات الحياة في السياسة والتعليم والإعلام والأسرة والاقتصاد وسوق العمل.
بذكاء الدجل المحترف يدرك المشرفون على نوادي الدورات التدريبية لـ”التنمية البشرية” بأن المواطن العربي والمغاربي، أمام هذا الانهيار في قيمة الإنسان، يعيش حالة “انتحار” دائمة، ولكنها مؤجلة إلى حين. لذا تراه، أي المواطن الضائع، يبحث عن الإمساك بأي قشة قد تنقذه من الطوفان، وهي الفرصة السانحة لجحافل “دجالي التنمية البشرية”، ليمارسوا عليه ضغطاً جديداً من خلال فتح أفق من “الكذب” اللابس لبوساً “علمياً” تارة، و”دينياً” تارة أخرى، و”سحرياً” تارة ثالثة.
ويعتمد خطاب ميليشيات التنمية البشرية على ترسانة من المفاهيم الغامضة، والمقصودة في غموضها، كي يثير انتباه المواطن الضائع وإبهاره والإيحاء له بأن ما يتم قوله أو التصريح به هو من “باب العلم الكبير” الذي لا علم للمواطن البسيط بمغاليقه، مفاهيم مغلوطة ومخلوطة توحي للمستمع ذي الثقافة البسيطة، الذي يعيش حالة نفسية مهزوزة، بأن ما يملأ به عقله هو “عدة علمية” قادرة على “تطوير مهاراته”.
ولجذب انتباه المواطن البسيط الضائع عند مفارق طرق مجتمع عربي ومغاربي تتنازعه “السياسة” و”الدين السياسي” و”الدين الدجلي” و”القمع ومصادرة الحريات” و”قمع الاجتهاد” و”الفساد”، تتحرك عصابات التنمية البشرية بحسب استراتيجية “خطاب مُتَعَلْمِن” (يدعي العلم) يقوم على خليط غير متجانس من المصطلحات الموظفة خارج سياقها المفاهيمي، مصطلحات من علم النفس السريري لاستمالة المواطنين الذين يعانون من هشاشة نفسية، ببنية سيكولوجية منهارة.
يستثمرون أيضاً في “الخطاب الديني” الفقهي والتشريعي. فمن وجهة نظرهم، يعتبر الرسول هو مؤسس علم التنمية البشرية! وبما أن الإنسان العربي والمغاربي هو ديني في أساسه التكويني الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي، تعمد زمرة التنمية البشرية في دوراتهم التدريبية على حزمة من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية وإخراجها عن سياقها الإبستيمي والتاريخي والعقدي كي يتم تكبيل السامع المتدرب بالمقدس.
ولمحاصرة المواطن الضحية، يستثمر عسكر “التنمية البشرية” في الخطاب التاريخي، فيسوقون بعض جزئيات مفصولة عن سياقها العام مقتبسة من حيوات بعض الشخصيات التاريخية، التي سجلت أسماءها في التاريخ بالقوة أو بالشر أو بالدم، من أمثال هتلر أو موسوليني أو فرانكو أو نابليون، ليربطوا الذكاء والنجاح بالعنف كقيمة يمكن الوصول عن طريقها إلى تحقيق النجاح والتفوق.
إلى ذلك، ولإحكام الدائرة على الضحية، يوظف أفراد عصابة التنمية البشرية في دوراتهم التدريبية فكرة استعمال بعض المصطلحات باللغة الأجنبية، لا سيما الإنجليزية، لغة العلم. ويسردون في سياق “خطبتهم” عناوين لكتب وهمية باللغة الإنجليزية، وبعضها لا علاقة لها بالموضوع المطروح. كل ذلك لإبهار الضحية ودفعها إلى الاستسلام وتسليم عقلها للاغتيال.
ولا تترك عصابة التنمية البشرية أي عامل يمكن أن يخدمها في التأثير في ضحاياها في دوراتها التدريبية، ومن بين هذه الوسائل يجيء “اللباس” و”الهيئة” و”الساعة” و”الماكياج” و”غرس الشعر” في المخابر التركية! ففي دورات التدريب هناك “مسرحة” كاملة لمثل هذا الدجل، ومدرب التنمية البشرية يعمل على ارتداء لباس متجاوب مع الموضوع المطروح ومع الثقافة الغالبة في الوسط الاجتماعي، الذي تنظم له وفيه هذه الدورة أو تلك، يرتدي المدرب لباساً تقليدياً اجتماعياً، ويرتدي لباساً دينياً سياسياً، ويرتدي بذلة مودة (آخر صرعة). كل ذلك، لتوفير شروط الخدعة الفكرية وتكريس الدجل والإكثار من عدد الضحايا.
ويلاحظ أيضاً أن ضحايا عصابات الدورات التدريبية للتنمية البشرية غالبيتهم من النساء، حيث في المجتمعات العربية والمغاربية تعيش المرأة حالة من الهشاشة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية، نظراً لما يلحقها من تهميش تكرسه ثقافة الذكورة وذم مفهوم العنوسة والعنصرية الجنسية التي تجد تفسيراً لها في بعض كتب التراث المعرفية وفي بعض التأويلات الفقهية للنصوص الدينية.
محللة نفسية نمساوية الأصل تنحدر من أسرة يهودية، اتجهت في أبحاثها نحو دراسة التكوين النفسي للأطفال، وكان لها طريقة مميزة عن فرويد، لم تدرس علم النفس أو الطب النفسي، وبالصدفة قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى قرأت مقالاً لفرويد وشغفت على أثره بالتحليل النفسي، وبدأت تتعلم على يدي ساندوز فيرينزي.
كتبت بحثها الأول عام 1921 بعنوان نمو أو نشوء الطفل The Development of a Child، ثم دعاها كارل ابراهام إلى برلين فاستقرت بها لفترة من الزمن، وطلقت من زوجها، وكرست نفسها لممارسة التحليل النفسي متأثرة بابراهام وكتاباته، وخضعت للتحليل يومياً باشرافه، وبعد وفاته استمرت في تحليلها لنفسها يومياً، عام 1925 دعاها ارنست جونز لالقاء محاضرة في لندن وفي عام 1926، قبلت دعوة للبقاء في لندن والعيش فيها، واتسعت أبحاثها فيها رغم أن أبحاثها بقيت موضع جدال الا أنها أثرت على كافة المحللين النفسيين في بريطانيا وبسببها تميزو عن غيرهم وأصبح لديهم مدرسة تدعى بالمدرسة البريطانية في التحليل النفسي؛ ورأي ميلاني أن القلق عند الأطفال وخيالاتهم يمكن اكتشافها من خلال مواقف التحويل التي يظهرونها، ووصفت طريقتها التحليلية هذه في كنابها التحليل النفسي للأطفال The Psycho – analysis of Children عام 1932 وهدفت من خلاله إلى خلق منهجاً تحليلياً خاصاً بالأطفال كالمنهج الذي أتى به فرويد مع الراشدين، وصممت من أجل ذلك حجرة خاصة بسيطة الأثاث وزودتها باللعب والدمى البسيطة ومهمتها فقط المراقبة، فالطفل هو من يختار ألعابه وطريقه تعامله مع هذه الألعاب والدمى، والواضح أن اللعب هنا يستعاض فيه عن الحديث والكلمات عند فرويد مع الراشدين.
وتركز ميلاني على أوجه القلق عند الطفل وطرقه في الدفاع عن نفسه ازاءها، ووجدت أن ماذكره فرويد عن الأطفال يبدأ معهم في سن مبكرة عن السن التي حددها، فاحدى مريضاتها كانت طفلة بعمر سنتين وتسعة أشهر ولديها أنا أعلى قوية جداً وفرويد يعتقد بعدم وجودها قبل الخامسة من العمر، وكان للطفلة علاقات أوديبية مع والدها وفرويد يعتقد أن عقدة أوديب لا تتكون قبل 3-4 سنة من العمر؛
كما أن ميلاني بينت أن العنف والقسوة لهما دور أكبر في تكوين الطفل مما اعتقده فرويد، وكتبت عن نظرية القلق والذنب وربطت بين أقوال فرويد وكارل ابراهام في موضوع تكوين الأنا الأعلى، كما اعتبرت أن الحسد هو المصدر الأول للعنف عند الطفل المتوجه بالأساس نحو الأم وثديها، واعتبرت أن هذا الحسد العنيف هو المسؤول عن عجز الطفل عن الحب واظهار الامتنان لما يقدم له، ومن أعمالها:
التشخيص بواسطة اللعب عند الأطفال Personification in the Play of Children عام 1929. المراحل المبكرة لعقدة أوديب Early Stages of the Oedipus Complex عام 1928. النمو أو التطور المبكر للوعي عند الطفل The Early Development Of Conscience in the Child عام 1933.
لا لليأس .. قد تنقلب حياتك إيجابياً رأساً عن عقب. يحدث اختراق لأمر توقفت عنده طويلا. تحدث نقلة في حياتك. يحدث لك إلهام تبصر به طريق الخلاص من أمور أثقلتك. كُل هذا وأكثر قد يحدث لك في خلوة مناجاة للطيف الرحيم القريب المجيب. مناجاة بحب ، وصدق ، ويقين ، وتوكل ، وثقة به سبحانه.
ربما سنحتفل غدا … غدا سنبارك خروجنا … سنسعد ونحن نتبادل التهاني على مسافة وبأصوات خافتة خلف كمامات تخنق تنفسنا. وربما سنمتنع عن الدخول. وقد يحتج البعض بحقه المشروع في العودة المتأخرة .. الكثير منا اشتاق التسكع … والتجول .. والتلصص … والتزنق (الزنقة) … والتدرب (الدرب) .. وبعضهم … سيخرج … ثم سيتساءل (علاش خرجت؟) .. سيخرج ليتنفس هواء المدينة .. سيعد المارة .. أويخيط الأزقة … أو سينكفئ في زاوية ما خارج المقهي وهو يتجول ببصره كأنه يشاهد مباراة في كرة المضرب، الذاهب والعائد… أو يزفر دخان سيجارة في الهواء الطلق .. أو سينتظر حبيبته .. أو يسير ولا يصل .. سيتجولون في الكورنيش.. أو يهربون عن الزحام… يتجهون نحو النواحي … لا مقاهي .. لا مطاعم … لا خزانات .. لا جمعيات … لا نميمة … لا ذكريات… لا بارتشي لا ضامة لا كارطا … عليك أن تسير فقط .. أن تتمشى بحذائك الذي حافظ على أناقته مدة أسابيع … قد تتعمد رفس التراب والرمل والحجارة لتتأكد أنك فعلا خارج المنزل … حتى حذءك سيتضامن معك على التمسك بحقك في البقاء هنا … حيث لا مكان … غدا سنلتقي عن مسافة بكمامات واقية … غدا سيكون نصف لقاء … قد لا نتعرف على بعضنا تماما .. سنشك في هويات بعضنا … وحتى إن حصل اليقين أننا نحن … فسنشك في احتمال وجود هذا الفيروس خلق الكمامة … سنستعيد وسواس ديكارت … سنحتفل … ربما طيلة اليوم .. أو لأيام .. أو لأسابيع … سننتقم من كورونا …سنثبت له أننا تمكنا أخيرا من السير نصف أحرار … وللاحتفال بقية …
للتاريخ… ستبقى جائحة كورونا كجائحة كونية منعطفا جذريا في حياتنا بمختلف مساراتها الشخصية والعائلية والمهنية والاجتماعية… ولأن التاريخ أصبح يسير ويحسب بالأشهر والسنوات ستتخذ الأجيال القادمة من الجائحة موضوعا للتفكير الجدي أو للاستغراب … أو حتى موضوعا للسخرية … لأن الجائحة بقدر ما فضحت عورة كبريائنا كشفت زيف قيمنا وأسقطت أقنعة الحسابات السياسية والتجارية… وربما لن يغفر المستقبل أخطاء ومغالطات كانت سببا في ارتفاع إيقاع الأزمة والموت والشر…
يظنون بي خيرا وما بي من خير .. ولكنني عبد ظلوم كما تدري سترت عيوبي كلها عن عيونهم … وألبستني ثوبا جميلا من الستر فصاروا يُحبوني وما أنا بالذي … يُحَبُّ ولكن شبهوني بالغير فلا تفضحني في القيامة بينهم … وكُن لي يا مولاي في موقف الحشر.
شاقة هي المهمة عندما يولد الإنسان امرأة…
..مايا أنجيلو
عندما نتحدث عن الدين و الجنس و السياسة فهي حتما اقتبست جملتها من كتاب بوعلي ياسين المعنون بالتالوث المحرم دراسات في الدين و الجنس و الصراع الطبقي يعالج فيه أمور ثلاثة هي : الدين كموضوع دراسة علمية، الجنس كمجال للتنوير والتثقيف، والصراع الطبقي كأداة نظرية وعملية للتحول الاجتماعي لأن الطبقات والفئات المتسلطة تحرم البحث في هذه المجالات ، مكتفية بشتمها بالإلحاد والإباحية والشيوعية ، وفي الواقع ليست الكلمات هي ما يؤرق مضجعها ، بل ما يمكن أن تساعد على حدوثه ضد المصطلحات . اذن قبل أن تدعي أنك تفهم كيف تفهم’الطفيليات’ كلف نفسك عناء البحث قليلا فالطفيليات قد تؤدي بك الى الموت ان لم تتسلح جيدا..
فالعزة و المنعة من صفات الكمال . و الشيوع والانكشاف من صفات الابتذال . و من هنا وجب أن تكون هناك مسافة بين الأحباء ، وأن يكون الحب قربًا وليس اقتحامًا . وتلك المسافة هى التى أسميها ” الاحترام ” ؛ حيث يحترم كل واحد سر الآخر ، فلا يحاول أن يتجسس عليه ، و يحترم ماضيه و يحترم ما يخفيه بين جوانحه ، و يحترم خصوصيته و خلوته و صمته ، ويحاول أن يكون ستراَ و غطاءً . لا هتكًا و تدخلًا و تلصصًا و نشلًا . فالحب عطاء اختياري حر ، و ليس مُصادره قهرية و سلباً و اغتصاباً . وفى هذه الحرية جوهر الحب .
وا أمة ضحكت من جهلها الأمم البس كمامتك والزم جحرك، إن ما يقع في العالم اليوم هو بمثابة حرب صليبية لا يراها إلا المتبصرون، إن قوى الشر الغربية ومن إقتفى أكثرهم، يعملون ليل نهار من اجل تهييئ العالم نحو عالم جديد انه عالم الماسونية الذي يحاولون قبض العالم قبضة حديدية قصد تهييئه لمسيحهم الأعور (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) انهم الشياطين يضعون اللمسات الأخيرة لجص نبض المسلمين يضربهم في ماتبقى من دينهم أي الصلاة لا تتسائل عن المساجد فهي جزء من مخططاتهم أي النظام العالمي الجديد وهذا ما يتمناه المستغربون.. فواه وقليل الفهم من يعتقد أن النظام العالمي الجديد هو انهيار أمريكا وتحول القيادة إلى الصين او ما شابه ذلك.. كل هذا يقع بتخطيط وتواطئ جل قيادات العالم وفي غفلة من الشعوب العالمية (انها بوادر الحرب الصليبية أخرى)…..
لا تذهبوا بعيدا يا قومنا. فالصلاة لم ولن يمنعها أحد. فيجب أن ندرك أن الأولى بالفتح هي الأسواق والمعامل والشركات لارتباط لقمة العيش بهذه القطاعات. ثم يأتي دور المساجد عندما يزول الخوف من المرض تماما. فكيف تصلي في الصف وأنت خائف من العدوى. من أين يأتي الخشوع والتركيز والمصلي يخاف من جاره ؟ ولكم واسع النظر…
بدأت الأمراض النفسية تظهر علي هذا الأسبوع….لأني شعرت بالظلم ..عندما أجبروني على إغلاق دكاني المتواضع، دون تعويضات ودون أن يسألني أحد هل لديك ماتأكله هذه الليلة؟ ..وتركوا مصانع كبيرة جدا .وبها ألاف من العمال ..كنت أتسال منذ البداية ..لماذا لا يغلقوا كل شيء لمدة 14 يوما وننتهي ؟؟..لماذا تركوا هذه المعامل و المصانع مفتوحة بينما أغلقوا محلات صغيرة لم يثبت لحدود كتابة هاته الأسطر أن خرج منها مصاب؟ ..في حين أن المعامل والمصانع هي من تسببت في حدوث بؤر العدوى وبالتالي إرتفاع الحصيلة وجنت علينا نحن الَمستضعفون في الأرض، شهرا آخرا من الحجر الصحي …إنني من بين الكثيرين الذين يشعرون بالغبن ..ولا يستطيعون تغيير الواقع …أشعر بالتذمر ..
يرى بولبي – وهو من أكثر العلماء الذين اهتموا بدراسة التعلق بين الطفل والأم – أن دافع التعلق دافع أساسي كدوافع الجوع والعطش والجنس ، فعلاقة الطفل بأمه ضرورية لنموه كضرورة الغذاء والشراب . وقد أجرى لورنز دراساته على الطيور فتوصل إلى أنه يمكن ملاحظة ميل قوي عند صغار البط والأوز إلى اتباع أي شيء يتحرك في مجالهم البصري . وهو ما يسمى ” الانطباع imprinting ” ، والذي يعني : السياق الذي يحدد عملية التفضيل الاجتماعية لتشمل فقط مجموعة معينة دون غيرها من الأفراد أو الأشياء.
مراحل التعلق :
يبدأ التعلق مع الإنسان من بداية نشأته ، فهو ملتصقٌ بأمه – وهي أول مواضيع تعلقه – ، مقترنٌ عالمُه بعالَمِها ، كلما ابتعَدَت عنه بكى يطلبُها ، فإذا عادت إليه عادت دنياهُ من جديد !! ثم يحبو في مدارجِ النُّمو فيتعلقُ بأبيه ، ويرى فيه صورةَ القادرِ الذي يُعَوِّض عجزَه ، والمالكِ الذي يسد ثغرةَ فقرِه ، والمثالِ الذي يسعى إلى أن يصوغ نفسه وِفقَ رؤيته . ثم ينفك عنه الإِسَارُ ، ويخرج من بيت الأسرة إلى فضاء المدرسة ، فيتعلق بكثيرٍ من أقرانه أو أساتذته ، ويرى فيهم نماذجَ لما يُحِبُّ أن يكون عليه ، أو موضوعاتٍ تمنحُه اللذة . ثم تأتي المراهقة بعواصفها ، فتتناثر عليه التَعَلُّقَات من كل حدب وصوب . إذن .. فهناك تعلق سوي ، يعتبر دافعاً أساسياً لنمو الإنسان ، وبدونه يتشوه بناؤه النفسي ، وهو الذي يظهر في علاقة الطفل بأمه ، ثم أبيه ، ثم إخوته وأصدقائه ، وبدلاء الأم ، وبدلاء الأب .
التعلق المرضي :
هو : الميل المبالغ فيه إلى موضوع من الموضوعات ، بحيث يفقد المتعلِّق استقلاليته ، ويتبع المتعلَّق به تبعيةً كاملةً ، وكأنما تذوب شخصيته عنده . _
أسبابالتعلق_المرضي :
1- الحرمان العاطفي في الأسرة : سواء كان بسبب خلافات أسرية ، أو مخطوطات معرفية خاطئة تمنع الآباء من إظهار عواطفهم لأبنائهم . 2- التأثر بالنموذج : والنماذج التي يمكن أن يتأثر بها الإنسان متعددة ، ومنها : • نماذج أسرية : الأب ، الأم ، الأخوات ، الإخوة ، الأعمام ، العمات ، الأخوال ، الخالات . • نماذج الرفاق في الحي أو المدرسة أو العمل . • نماذج إعلامية : في الأفلام أو المسلسلات أو البرامج أو الأغاني ( الفيديو كليب) . • نماذج مقروءة : القصص والروايات . 3- ضعف الثقة بالنفس ، والبحث عن شخصية يتوحد فيها لكي يشعر بشي من القوة . 4- ضعف الصلة بالله جل وعلا : والأصل في ذلك قوله تعالى ” ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ، والذي آمنوا أشد حباً لله ” والإمام ابن تيمية رحمه الله يقرر قاعدة متميزة في ذلك فيقول في كتاب ” العبودية ” : من لم يكن عبداً لله كان عبداً لهواه ، شاء أم أبى. 5- وفرة التعزيز في العلاقة : فإذا كان الفرد يشعر بالحرمان ، ثم يجد لذة بالغة في تعلقه المرضي ، فستكون هذه اللذة دافعاً لاستمرار العلاقة . 6- اضطراب الشخصية : هناك اضطرابات خاصة في الشخصية يمكن أن تؤدي إلى التعلق المرضي ؛ فالشخصية الاعتمادية : بطبعها تبحث عمن يسيرها ، وتدور حوله ، وكثير من التعلقات المرضية تنشأ بسبب اعتمادية كامنة . وكذلك اضطراب الشخصية الحدية عند المتعلق ، واضطراب الشخصية النرجسية عند المتعلق به . 7- أسباب اجتماعية : أهمها : • ضعف رقابة الأسرة على الأبناء . • وفرة وسائل الاتصال دون ضابط أو موجه ( الجوال والإنترنت والهاتف ) . • تيسر المواصلات . • الاختلاط في العلاقات الاجتماعية أو في الدراسة أو العمل ( وذلك في التعلق بين الجنسين ). • ضعف العقوبة الرادعة عن الفعل سواء على مستوى الأسرة أو الدولة .
_آثارالتعلق_المرضي :
يترك التعلق المرضي آثاره على حياة المتعلق بكاملها ، ومن أهم #آثاره : • انخفاض مستوى التحصيل العلمي . • اضطراب العمل وضعف الفاعلية فيه . • فشل الحياة الزوجية : وذلك على أكثر من صورة ، فيمكن أن يكون التعلق قبل الزواج أو بعده ، ويكون من نفس الجنس أو الجنس الآخر : فإذا كان المتعلق به من نفس الجنس شغل المتعلق عن زوجه وأسرته ، وأصبحت لذته دائرة حوله . وإذا كان من جنس آخر واشتد تعلقه به ، فإما أن يتم زواجه به أو لا يتم ، وإذا تم الزواج بعد تعلق شديد ، فيمكن أن يفشل ، لأن التعلق الشديد يرفع مستوى التوقعات ، وتكون توقعات كل طرفٍ من الآخر توقعات خيالية مثالية .. فإذا نزلوا إلى عالم الواقع بالزواج لم يجدوا فيه ما تخيلوه ، وكان ذلك سبباً في كثير من المشاكل الزوجية ، والشعور بأن الطرف الآخر كان يمنحه الكثير في فترة الحب قبل الزواج .. وهذا غير صحيح ، لأن الحرمان هو الذي كان يزيد العلاقة اتقاداً . أما إذا تعلق الإنسان بمحبوب ثم تزوج غيره ، فيمكن أن يكون ذلك سبباً في كثير من الخلافات بينه وبين من اقترن به ، لأنه يقارن على الدوام بينه وبين محبوبه السابق ، وهي مقارنة خاطئة ، لأنه يقارن بين علاقة زواج واقعية وعلاقة حب خيالية يؤججها “الحرمان” ، ويزيد من مثاليتها ” الفقدان ” . • الخيانة الزوجية : إذا زاد التعلق المرضي فيمكن أن يؤدي بالمتعلق – مع ضعف الدين – إلى الخيانة الزوجية . • البعد عن الله تعالى والانشغال عن طاعته بحقير الأعمال .
غالبية الاسر تعاني من مشكل تخريب الاطفال او حمل الاشياء او تحطيم وكسر حاجيات وادوات تقع امام الطفل وهذا قد يسبب قلق وضغط للاسرة او في المدرسة ،، في هذا المقال سوف اتطرق الى هذ المشكلة واوضح انهليس بالضرورة أنهم يتصفون بالغباء دائماً، بل قد تكون درجات عالية من الذكاء، لكنهم رغم ذلك يقدمون على مثل هذه الأفعال . من ابرز صفات المشكل أنهم يسعون دائماً إلى تخريب كل ما تقع عليه أعينهم ـ فتراهم أحياناً يمزقون قطعة قماش تكون في متناولهم، أو يحطمون صحناً، أو يمزقون أوراق الجدران، ويعبثون بستائر البيت، وبالكتب وما شابه ذلك. او قطع اشجار من حديقة البيت او نبتة ما ،
الأسبابوالدوافع:
فيما يخص أسباب ودوافع التخريب لدى الأطفال، لا بد من تناولها على النحو الآتي:
أ ـ #الأسبابالنفسية: في الواقع أن نزعة التخريب عند الأطفال جذوراً نفسية فالطفل لا يقدم على التخريب عملياً إلا بعد أن يكون قد ورد على ذهنه وخطط له مع نفسه. ومن شأن شعور الطفل بحاجة إلى شيء ما والحرمان من شيء أن يدفعه إلى التخريب ونشير فيما يلي إلى بعض هذه الأسباب: 1 ـ التحري: قلنا أن الطفل يلجأ أحياناً إلى التخريب بسبب حب التحري والتقصي ومعرفة حقيقة الأشياء، دون أن يقصد التخريب لذاته.
2 ـ الحساسية: الطفل بطبيعته حساس إزاء الأشياء التي يراها أمامه، ومن مقتضيات نموه هو سعيه إلى البعث بالأشياء وتجريبها وأحياناً تخريبها.
3 ـ الخيال الطفولي: في بعض الأحيان يعبث الأطفال بشيء ما بهدف إرضاء خيالاتهم الطفولية، لأن الأطفال يتمتعون بقدرة فائقة على التخيل حتى أنهم قد يبنون في خيالهم قصوراً في القمر، ويصنعون أجنحة يطيرون بها في السماء. ومن هنا فإنهم قد يقدمون على التخريب من أجل تحقيق أوهامهم وتخيلاتهم
. 4 ـ حب الاستفراد: وقد يلجأ الطفل إلى التخريب أحياناً بسبب رغبته في الاستفراد بتملك شيء معين دون أن يستطيع تحقيق ذلك. وفي الواقع كأنه يقول بذلك: إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر.
5 ـ الاضطراب: وأحياناً قد يمارس الطفل التخريب بسبب نوع من الاضطراب النفسي الذي يخرجه عن توازنه ويفقده السيطرة على إرادته...
-الجائحة وضرورة االجائحة والتعليم عن بعد في ظل الابتعاد3.4
الجائحة والكشف عن الهامش اللامفكر فيه 5.
الجائحة ووضعية المشردين بدون مأوى1.5
استمرار صندوق الدعم 2.5
-شيء ما ينقصُنا… خاتمة بصيغة البدء6
المصطفى شكدالي يكتب:
جائحة كورونا والبحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب (1)
في الوقت الذي انطلقت فيه ورشة البحث عن نموذج تنموي جديد في المغرب، من أجل النهوض بعدد من القطاعات التي تحتاج إلى دعم وإصلاح، جاءت جائحة كورونا لتكشف عن أعراضها وأعراضنا، وأظهرت لنا جملة من النقائص والعيوب، التي رغم أننا كنا واعين ببعضها، فإننا لم نكن نوليها ما تستحق من عناية، ولم تكن قد توفرت لدينا بعد الشروط الناضجة لتداركها وإصلاحها، كما أبانت لنا هذه الجائحة عن عدد من الحاجيات الملحة، اقتصادية واجتماعية وعلمية ومعرفية وتربوية وتضامنية، يقتضي الحال أن تتم مراعاتها في سياق بحثنا عن النموذج التنموي الجديد.
في هذا المقال سنحاول إعطاء تشخيص لبعض من الأعطاب والحاجيات التي كشفت عنها جائحة كورونا، وسنقترح بعض الأفكار التي ربما قد تفيدنا لتقوية مناعتنا ضد كل الجائحات الكائنة والممكنة.
في البدء كان البحث عن النموذج التنموي
منذ الأشهر الأخيرة من سنة 2019، انخرط المغرب في البحث عن نموذج تنموي جديد ملائم للتطورات والتحولات التي عرفها المجتمع. ولعل الرغبة في البحث عن هذا النموذج التنموي يعود الى 13 أكتوبر 2017 في افتتاح الدورة البرلمانية، وذلك من خلال الخطاب الملكي السامي بهذه المناسبة. وبعد ذلك في 29 يوليوز من سنة 2018، جدد جلالة الملك من خلال خطاب العرش توجيهاته للسياسيين والمسؤولين للعمل على صياغة هذا النموذج التنموي المبحوث عنه.
بعدها بسنة، جدد جلالة الملك دعوته مرة أخرى في خطاب العرش لسنة 2019 لصياغة تصورات واقتراحات للعمل الفعلي، وتطبيق هذا النموذج التنموي الجديد، ولينتهي الأمر بتعيين هيأة استشارية مهمتها صياغة مقترحات وتصورات بشأن النموذج التنموي المبحوث عنه، وكان ذلك في شهر ديسمبر من سنة 2019.
وجاءت الجائحة…
في الوقت الذي كان البحث فيه جاريا في المغرب عن النموذج التنموي الجديد، كان العالم بأسره على أهبة استقبال ضيف غير مرغوب فيه. إنه فيروس كرونا المستجد، أو ما بات يعرف باسم كوفيد 19، والذي انطلق من الصين ليعم بقاع المعمور، مهددا السلامة الصحية للإنسان ، وفارضا عليه التباعد الاجتماعي كإجراء وقائي من الوباء، وتفاديا لنقل العدوى التي تحولت الى جائحة تهدد الوجود البشري.
هذه الجائحة، دفعت بمختلف الدول والمجتمعات إلى تغيير كل عاداتها الاجتماعية والاستهلاكية والتنظيمية والصحية. فقد أصبح أكثر من نصف سكان العالم يعيشون الحجر الصحي الإكراهي درءً واحترازا من انتشار الجائحة بين الحشود، خاصة في غياب لقاح بإمكانه الوقاية من هذا الفيروس غير المرئي. وبهذا الإجراء كان من الطبيعي أن تتعطل كل المصالح الخدماتية والاقتصادية والتواصلية المباشرة. انطوت كل الدول على نفسها وهي تبحث عن مخرج من مخلفات هذه الجائحة الوبائية، فتعطل التعاون الدولي بين الدول لتصبح كل واحدة منها تعطي الأسبقية لمجتمعها للخروج من الأزمة التي سرعان ما تحولت إلى أزمة اقتصادية، ألقت بظلالها على جوانب متعددة في مقدمتها الجانب النفسي-الاجتماعي.
وبالنسبة إلى المغرب، فإنه بادر مع حلول أول حالات العدوى بين ظهرانيه في منتصف شهر مارس من سنة 2020، إلى إغلاق الحدود وعزل البلد عن باقي العالم وفرض الحجر المنزلي وإقرار حالة الطوارئ الصحية، وكلها تدابير احترازية للحد من انتشار الجائحة والتخفيف من أضرارها. غير أن كل هذه الإجراءات، رغم انعكاساتها السلبية اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا، كانت تحمل بين طياتها من الرسائل ما وجب التقاطها وتفكيك شفراتها وتفسيرها بالنسبة إلى النموذج التنموي الجديد المبحوث عنه. وكأن هذه الرسائل تقول: «لا يمكن لأي نموذج تنموي أن يتبلور إلا من خلال مواجهة الأزمات بطريقة إجرائية». فقد تكون الجائحة في شقها الوبائي (كوفيد 19) طارئة، استلزمت من المسؤولين السياسيين الكف عن البحث عن هذا النموذج التنموي الجديد، والمرور مباشرة لاتخاذ المبادرات الضرورية لمواجهة الجائحة بشكل استعجالي و”فعال”.
وعليه، هناك مجموعة من التساؤلات تطرح نفسها علينا بإلحاح، والتي يمكن صياغتها على الشكل التالي: ألم تكن الجائحة في شقها السياسي والاجتماعي واضحة للعيان قبل حلولها في شقها الوبائي؟ سؤال استنكاري يفيد؛ أن الجائحة الوبائية لم تقم بأكثر من تعرية الجائحة في شكلها الاجتماعي على مستويات متعددة، منها التعليم والصحة والهشاشة بمستوياتها المادية والفكرية. ألم نكن في أمس الحاجة، قبل حلول جائحة كورونا، إلى التضامن والتعبئة والانخراط الايجابي والإعلام التنويري والمرافق الصحية وتطوير الصناعة والتعليم وتقوية الروابط الأسرية والرفع من مستوى الادراك الاجتماعي واللائحة طويلة في هذا الصدد؟ أم أننا كنا مصابين بالعمى المنظم قبل حلول الجائحة الوبائية؟
لا شك أن في البحث عن النموذج التنموي الجديد، اقرارا ضمنيا بفشل النموذج ساري المفعول، والذي وجب الكشف عن نواقصه وقصوره بالبحث العلمي الميداني حتى نقوم بالقطيعة معه، تفاديا لإعادة إنتاجه في قوالب أخرى. ولقد أخرجتنا جائحة كورونا، نسبيا من العمى المنظم، لتعكس في مرآتنا سلوكاتنا التدبيرية السابقة بكل سلبياتها، وحتى نؤسس لأخرى لاحقة قوامها التعبئة المستمرة ترسيخا للفعل المستدام، وتفاديا لممارسة الاستعجال في التدبير والخروج من ديمومة المؤقت.
المصطفى شكدالي يكتب عن جائحة كورونا و البحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب..
2- الكشف عن الأعراض
جاءت الجائحة، ليس فقط للفتك بالإنسان، وإنما كذلك للدفع بهذا الأخير، بطريقة غير مباشرة، إلى إعادة النظر في أسلوب حياته الموغل في الاستهلاك إلى درجة أصبح فيها معنى الوجود لديه مقرونا بمنتوجات استهلاكية.
إن إقرار الحجر المنزلي والطوارئ الصحية وإيقاف التنقل بين الدول والمدن كلها إجراءات إكراهية ملزمة، أخرجت الانسان من أسلوب حياته الاستهلاكي اليومي ودفعت به دفعا نحو العودة الى الذات والبحث في منعرجاتها عن أسلوب جديد للتكيف مع واقع الجائحة.
فإذا كانت هذه الأخيرة موضوعا للكشف الطبي الوبائي، فإنها في المقابل كشفت، بالموازاة مع ذلك، عن عيوب علاقاتنا الاجتماعية الموبوءة بفعل تشييئها للقيم الاجتماعية، وجعلها في المزاد العلني للبيع والشراء. وهو ما يعني أن الكشف عن كورونا في أجساد مصابين بهذا الفيروس جاء متزامنا مع الكشف الذي قامت بها هذه الأخيرة، ضمنيا، عن اختلالات متعددة في مقدمتها ادراكنا المعطوب لممارسة الحياة، والتهافت الدائم للظفر بالمقتنيات وحب المظاهر في غياب مظاهر الحب.
الجائحة والقطاعات غير المهيكلة
وبالرجوع إلى المغرب، فرغم التعبئة و التدابير الاحترازية والحجر الصحي وكل الجهود التي قامت بها الدولة لمحاربة الجائحة، فإن ذلك كله لم يمنع من الكشف عن اختلالات تخص بالأساس التراتبية الاجتماعية على مستوى الهشاشة والفقر وحجم القطاعات غير المهيكلة وعدم توفر التغطية الصحية وغياب الضمان الاجتماعي لفئات كبيرة من المجتمع.
إن إحداث صندوق كورونا لدعم الفئات الاجتماعية الهشة، بقدر ما هو عمل يحمل معاني التآزر والتضامن الاجتماعي، فإنه يِؤشر كذلك على وضعية اقتصادية هشة.
فبالرجوع إلى ما صرح به وزير الاقتصاد والمالية يوم 27 أبريل 2020 قائلا: “إن 4 ملايين و 300 ألف أسرة تعمل في القطاع غير المهيكل ستستفيد من دعم الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا المستجد (كوفيد 19)” ، سنجد أن الأمر يتعلق باعتراف ضمني بحجم الجائحة في شقها الاجتماعي قبل حلولها الوبائي. فإذا افترضنا جدلا أن كل أسرة تتكون من ثلاثة أفراد، فإن الرقم سيتضاعف ليصبح 12 مليون و 900 ألف من المواطنين يعيشون من إيرادات اقتصادية غير مهيكلة، وهو ما يعادل ثلث سكان المجتمع المغربي،ناهيك عن الفئات الأخرى التي بدون عمل ولا أي مداخيل قارة.
هكذا، كشفت الجائحة المستور، لتدفع بنا إلى التساؤل من جديد: أين كانت سياساتنا الاقتصادية والاجتماعية من مسألة القطاعات غير المهيكلة؟ وهل بعد زوال الجائحة في شقها الوبائي ستستمر في شكلها الاجتماعي وكأن شيئا لم يقع؟ ألسنا الآن في موقع المُلزم بتصحيح هذا الوضع ونحن نبحث عن نموذج تنموي جديد؟
إن كشف جائحة كورونا لهذا الخلل الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بالقطاعات غير المهيكلة أفضل من الاقتراحات التي تتم في هذا الصدد داخل غرف مكيفة وبعيدا عن ما جادت به جائحة كورونا من دروس سياسية- إجرائية وما تحمله من أبعاد نفسية-اجتماعية وثقافية ترفع من قيمة المواطن نحو العيش الكريم والمساهمة في إغناء المجتمع.
المصطفى شكدالي يكتب عن.. جائحة كورونا و البحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب..
3- الإدراك الاجتماعي المعطوب
ارتبطت فترة الحجر الصحي خلال هذه الجائحة بالتباعد الاجتماعي وما رافق ذلك من تعبئة إعلامية وأمنية تحُث المواطنين على البقاء في البيت وعدم مغادرته إلا في الحالات الضرورية. ورغم كل الجهود المبذولة لبلوغ هذه الغاية، لاحظنا في مناسبات متعددة عدم الامتثال للبقاء في البيوت وخرق للحجر الصحي تحت مسببات تكاد أن تكون واهية.
وعدم الامتثال هذا يؤشر، من الناحية السيكولوجية، على غياب إدراك المخاطر والتعامل معها بمنطق التصورات النمطية المكتسبة، مما يحول دون عملية التكيف مع واقع الجائحة. هنا كذلك، يمكننا الوقوف على نوع من الهشاشة الفكرية التي ترسخت بفعل غياب سيادة الفكر النقدي الذي يتيح للأفراد التلاؤم والتوافق مع ما يمليه واقع الحال، والابتعاد عن السلوكات التنافرية التي تشوه الواقع، حتى يتوافق مع معتقداتها النمطية المكتسبة.
إن الهشاشة الفكرية-الإدراكية التي بدت واضحة للعيان من خلال الجائحة، تؤشر في العمق على إفلاس نظم التربية والتنشئة الاجتماعية على مستوى التعليم المدرسي، وكذلك على مستوى التنشئة الأسرية. وهو ما يعني أن البحث عن النموذج التنموي الجديد لابد أن يمر من خلال بناء شخصية الإنسان الأساسية، بعيدا عن التراتبية الاجتماعية التي تعرفها كل من المدرسة والأسرة.
فواقع الحال اليوم يُظهر لنا أن التعليم المدرسي الممارس بالمجتمع المغربي هو تعليم تراتبي بين المدرسة العمومية والخصوصية ومدرسة البعثات الأجنبية. والفوارق في الإمكانيات والمحتويات لهذه المدارس كفيلة بتنشئة معطوبة لا ترقى إلى مستوى تكوين الشخصية الأساسية لأبناء المجتمع الواحد رغم الفوارق الاجتماعية.
فإذا كانت الجائحة كحدث غير مسبوق، يتطلب من الأفراد مهارات نفسية- توازنية جديدة لم تكن في الحسبان، فإن إدراكهم المعطوب نتيجة لغياب تعليم وتنشئة اجتماعية يمتازان بالدينامية وفهم الواقع والوقائع في سياقاتها، لن يمكنهم من تحويل ما اكتسبوه على المستوى الذهني لمسايرة مخلفات الجائحة على المستوى النفسي-الاجتماعي. لذلك وجب الاستثمار في الإنسان وتكوينه معرفيا، وذلك بجعله في مركز الغايات الكبرى للمشروع المجتمعي المبحوث عنه من خلال النموذج التنموي الجديد. فلا فائدة من تنمية لا تجعل من الإنسان وتطوير إدراكه الوسيلة والمطلب.
الجائحة والتغير الانفعالي
مع انتشار الجائحة وتمديد فترات الحجر الصحي، تعالت أصوات عبر مواقع التواصل الرقمي تنادي بالتغير، والإقرار بأن هذا التغير قد حصل بالفعل، وأن الآتي لن يروم إعادة الماضي. وفي المقابل ظهرت سلوكات انتكاسية تشيد بالحياة الماضية والرغبة في العودة إلى الماضي. خطابات متنافرة لم تصدر فقط من عامة الناس ولكن كذلك من خلال تعاليق النخبة عبر برامج حوارية ومحاضرات افتراضية ورقمية.
إن الرغبة في التغير بالتعبير عنه سواء نحو الآتي أو بالرجوع إلى ما قبل الجائحة، هي في العمق رغبة تعبر عن الانفعال أكثر منها تعبيرا عن الفعل. ومن هنا، لا يمكن لأي نموذج تنموي جديد أن يبني تصوراته للتغير على الانفعالات مادام التغير المنشود يجب أن يخضع لعملية بنائية هدفها ترسيخ الفعل وليس الانفعال. والتغير بهذا المعنى يتحدد في عمليتين متصلتين، وهما التغير المؤسَس والتغير المؤسِس.
وهو ما يعني أن التأسيس للتغير يتطلب بناء النماذج التي تتحول إلى قدوة ومطلب لدى الأفراد، خاصة الشباب منهم، ليؤسِس لديهم النهج الذي يجب اتباعه نحو الخلق والإبداع والمساهمة في الرفع من الإنتاجية الاجتماعية، ليس فقط في المجال الاقتصادي، ولكن كذلك في تطوير المعرفة الاجتماعية التي تساعدهم على فهم الواقع والتفاعل الايجابي معه. وهذا العمل لن يتأتى إلا بإعادة النظر في النماذج التي يُروج لها في ميادين السياسة والفن والثقافة.
الجائحة وبزوغ دور الفاعل الاجتماعي
كما حصل في جميع الدول، عرف المغرب بحلول الجائحة ظهور فئات اجتماعية أصبحت في الصفوف الأمامية لمواجهة الوباء والعمل على مساعدة الآخرين وتوجيههم للوقاية من مخاطر العدوى. وبظهور هذه الفئات توارت إلى الخلف النماذج الفجة التي كانت تحتل الواجهة كنموذج مبتذل أخذ موقع الريادة دون قيمة مضافة للمجتمع، بل على النقيض كان يساهم في نشر ثقافة الإسفاف والاستخفاف.
إن الجائحة جعلت من الأطباء والممرضين والأطقم الطبية أبطالا في الصفوف الأمامية حيث أصبح دورهم بارزا لدى الجميع، لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه. لقد كشفت لنا الجائحة الحاجة الماسة لوجود الأطباء كشرط أساسي من أجل ممارسة الحياة، وبالتالي تطوير قطاع الصحة والعناية به وجعله تاجا فوق رؤوسنا جميعا. ذلك أنه من المستحيل أن نبلور نموذجا تنمويا جديدا في غياب مواكبة صحية جيدة تليق بمقام المواطن المستهدف بالتنمية المبحوث عنها.
وكما هو الحال بالنسبة للأطقم الطبية، ظهر جليا دور رجال النظافة في تعقيم الأمكنة والمساحات التي تشهد تحركات مكثفة والتخلص من النفايات، فكان لدور هذه الفئات الأثر الايجابي في خدمة المجتمع ومحيطه الايكولوجي.
كما أن رجال السلطة وأعوانها والأجهزة الأمنية بكل فروعها، تحولت لمؤازرة المواطنين وتأطيرهم ومواكبتهم في عملية الحجر الصحي، حيث حولت الجائحة الدور المختزل لرجل السلطة في الحفاظ على النظام العام واستتباب الأمن إلى دور أرقى وأسمى وهو دور التعبئة والتأطير والإرشاد. مما جعل هذا الدور يتحول من شعار الى فعل. فكيف السبيل إلى ترسيخ الدور الجديد لرجل السلطة في نموذج تنموي جديد يتحول بموجبه الى فاعل اجتماعي مواكب للتعبئة في مواجهة الجائحة، ليس فقط في جانبها الوبائي، ولكن كذلك في جانبها الاجتماعي لما بعد جائحة كورونا؟
ومع الجائحة، توقفت المدرسة ولم يتوقف التدريس، فظل المدرس في محرابه يقدم دروسه عن بعد، عبر منصات التواصل الاجتماعي الرقمي ليعزز دوره كفاعل اجتماعي له الأثر الأوفر في بناء العقول، والمساهمة في عملية التعليم والتعلم. لقد أظهرت الجائحة الدور الريادي للمدرس كعنصر أساسي لا يمكن التخلي عنه في عملية بناء الإنسان،والتي تعتبر الرُكن الأساسي لكل نموذج تنموي غايته خدمة المصالح العليا للأفراد و للمجتمع على حد سواء.
ومع البدايات الأولى للجائحة، تحول الإعلام، في جزء كبير منه، إلى التعبئة ومحاربة الأخبار الزائفة التي تناسلت على مواقع التواصل الاجتماعي الرقمي، والتي كانت تسعى بسوء نية إلى نشر ثقافة الرهاب وفبركة معلومات للتأثير السلبي على المواطنين وهم في وضعية الحجر الصحي.
فالمتتبع للقنوات التلفزية والإذاعية، الرسمية وغير الرسمية، فُوجئ وهو يلاحظ استضافة المفكرين والعلماء والمتخصصين لأخذ الكلمة وتقديم شروحات وتعاليق لتنوير الناس، ليس فقط لتقديم معلومات حول طبيعة الجائحة الوبائية، وإنما كذلك لمرافقتهم بالفهم والتفسير لمضاعفاتها النفسية-الاجتماعية التي خلفتها وضعية الحجر الصحي.
وهنا، لابد من طرح السؤال؛ لماذا غاب دور الإعلام كفاعل اجتماعي ولم يتخذ مكانته كاملة، إلا جزئيا، في التعبئة الاجتماعية قبل حلول الجائحة الوبائية؟ ولماذا لم يساهم بالشكل اللائق في بناء معرفة اجتماعية تساهم في تنشئة الأفراد والرفع من مستوى إدراكهم المعرفي؟ قد تكون كل هذه الأسئلة من البكائيات على ما مضى وأن الأهم هو أن نتوجه نحو المستقبل. غير أن المنطق يقول؛ إن الذي لا يعرف من أين أتى سيجد نفسه في مكان مجهول أو بلغة الفيلسوف الألماني جورج فيلهلم فريدريش هيغل : “إن كل من لا يعي تاريخه، سيجد نفسه مجبرا على إعادة الماضي”. ويبقى سؤال المستقبل في مسألة الإعلام، هو كيف يمكن للنموذج التنموي المبحوث عنه أن يجعل من الإعلام رافعة لتحدي الجائحات القادمة وتجاوزها بإنتاج محتويات تساهم في إدراك المخاطر والدفع بأفراد المجتمع إلى التأقلم معها؟
مصطفى الشكدالي يكتب.. جائحة كورونا و البحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب
4- الحاجة إلى العلم والمعرفة
الحاجة إلى العلم، من أهم الحاجيات التي كشفت عنها الجائحة، ليس فقط بالمغرب ولكن في كل بقاع العالم، حيث أصبح البحث عن علماء مختصين في علم الأوبئة مطلبا لكل الدول لإيجاد لقاح مضاد لجائحة كورونا.
وأصبح واضحا للعيان أن كل نجوم السينما وكرة القدم والغناء ليس بوسعهم تقديم أي شيء من أجل إنقاذ البشرية من هلاك وفتك الجائحة.
وبذلك اتجهت الأنظار نحو البحث عن العلماء لتطوير لقاح وأدوية للوقاية والعلاج من الفيروس المستجد. ولعل الحدث البارز على هذا المستوى، هو تعين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب للعالم الأمريكي من أصول مغربية منصف السلاوي على رأس الفريق العلمي المكلف بالبحث عن لقاح للجائحة. لقد اكتشف المغاربة بعد تعيين منصف السلاوي من طرف البيت الأبيض، أن العلماء على هذا المستوى من التميز ليس حكرا على الغرب، خاصة أن السلاوي قبل أن يصبح عالما مرموقا هو نتاج المدرسة العمومية المغربية التي نال داخلها شهادةالباكالوريا، لينتقل بعدها إلى بلجيكا ومنها صوب الولايات المتحدة الأمريكية.
وبذلك تناسلت الأسئلة في رؤوس الكثيرين من المغاربة لتعيد الاعتبار للذات ولو بشكل تعويضي مرددة سرا وعلانية،أن المجتمع الذي خرج من صلبه عالم بحجم منصف السلاوي وآخرين ككمال الودغيري ورشيد اليزمي بمقدوره إنتاج علماء آخرين والاحتفاظ بهم بين ظهرانيه لو وفر هذا الأخير الشروط المناسبة للحيلولة دون هجرة الأدمغة. وكما برزت أسماء علماء بالخارج من أصل مغربي، اكتشف المغاربة أسماء باحثين وعلماء من داخل المغرب وعلى رأسهم البروفيسور الإبراهيمي وفريق بحثه الذي يشتغل على قدم وساق لإيجاد اللقاح المطلوب لوقف زحف الجائحة. وفي نفس الاتجاه صمّمت المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والإبداع والبحث العلمي طقم تشخيص لفيروس “كوفيد-19” مغربيا مائة في المائة.
إن المغزى من عرض هذه المعلومات يتمثل أساسا في السؤال التالي: كيف للنموذج التنموي الجديد المبحوث عنه أن يجعل من تشجيع العلم والعلماء في كل الميادين، من أولوياته الأساسية لصياغة تنمية شاملة قوامها رأس المال البشري كمورد له الأسبقية على كل الموارد؟ وما يزكي هذا الطرح، انخراط الشباب الجامعي في ابتكار واختراع معدات للوقاية من الجائحة كالكمامات وآلاتالتعقيم وأجهزة التنفس وغيرها.
هكذا أخرجت الجائحة للعلن مهارات وإمكانيات الشباب المغربي في الابتكار والتصنيع، الشيء الذي يجب أخذه بعين الاعتبار في صياغة النموذج التنموي الجديد. فلا فائدة من أن يغيب هذا المجهود بغياب الجائحة في شقها الوبائي. فالمادة الخام موجودة ولا تنقصها سوى السياسة الملائمة لتصبح قائمة الذات. ولعل كل ما سبق ذكره، قد خلق على المستوى النفسي لدى العديد من المغاربة الشعور بالانتماء والخروج من فكرة احتقار الذات نحو الاعتزاز بها، ليظل السؤال مطروحا؛ ما السبيل لتعزيز هذا الشعور بالانتماء للمجتمع من خلال ما ينتجه أبناؤه؟ الجائحة والحاجة إلى العلوم الإنسانية بانتشار الجائحة وفرض الحجر المنزلي، ظهرت المضاعفات النفسية-الاجتماعية لتصبح الحاجة ماسة إلى العلوم الإنسانية، وفي مقدمتها السيكولوجيا والسوسيولوجيا بكل فروعهما لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وقراءة وتفسير السلوك المعرفي والوجداني للأفراد تحت طائلة الحجر، وما نتج عنه لدى الكثيرين من الأفراد من مظاهر القلق والتوتر والرهاب والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية، وانعكاساتها العلائقية التي وصلت في حالات كثيرة إلى العنف الأسري
أمام هذا الوضع، انخرطت مجموعة من الباحثين الجامعين والممارسين في مجال السيكولوجيا وعلوم التربية والسوسيولوجيا في تقديم الدعم عبر منصات رقمية أو من خلال خلايا الاستماع التي انتشرت على امتداد البلد من شماله إلى جنوبه. لقد كشفت الجائحة، مرة أخرى، الدور الهام للعلوم الإنسانية في قراءة وفهم وتفسير السلوك الإنساني العلائقي على المستويين المعرفي والوجداني.
غير أن الحاجة إلى العلوم الإنسانية كانت مُغيبة في اتخاذ القرارات وفي صياغة البرامج السياسة لتصبح كل تلك البرامج والقرارات مفصولة عن واقع الإنسان المستهدف، ولتكون النتيجة الحتمية هي الفشل وإنتاج التصورات النمطية والأحكام المسبقة التي تروم إلى اختزال الأفراد في أدوار أُعدَت مسبقا في قوالب إيديولوجية هدفها السيطرة والخنوع. فإذا كان النموذج التنموي المبحوث عنه يستهدف تنمية الإنسان ليصبح عنصرا فعالا في عملية التنمية الشاملة، فلا مناص من الاعتماد على مقاربات العلوم الإنسانية،بحثا وتأطيرا، لأنها الطريق الأمثل لفهم الإنسان في ديناميكياته المتعددة، وعدم اختزاله في الخطابات والشعارات، وإنما كذلك في أفعاله وممارساته. إن الدرس الكبير الذي علمتنا إياه الجائحة؛ أنه بعد مرورها، لا مكان للإيدولوجيا لممارسة السياسة.فوحده العلم والمعرفة بما فيها العلوم الإنسانية، ما يستطيعان مقارعة ذلك “الليس- بعد” بتعبير الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر، وذلك لن يتم إلا بفهمٍ ووعيٍ استشرافي للإنسان، والذي يجب أن يُرسخ في تلاؤم خلاق بين القول والفعل…
المصطفى شكدالي يكتب عن.. جائحة كورونا و البحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب..
5- الحاجة إلى ثقافة رقمية فعالة
بفرضها لقيود الحجر المنزلي، تكون الجائحة قد حكمت على الروابط الاجتماعية بالتباعد الاجتماعي. ومن حسن حظ البشرية أنها جاءت في عصر الرقمنة والتواصل عن بعد. فأكثر من 5 مليار ونصف من البشر يعيشون في المجتمع “المُرقمن” ومواقع التواصل الاجتماعي، فحصلت الهجرة الجماعية من الواقعي نحو الافتراضي. ليتحول هذا الأخير إلى فضاء عام مكن الأفراد والجماعات من نسج العلائقي عن بعد وليتحول البعيد إلى قريب والعكس بالعكس.
وفي المغرب، كغيره من باقي دول العالم، ارتفعت وثير ة المنشورات في مواقع التواصل الرقمي، كتابة وصورة وصوتا، وأصبحت جل المحتويات المنشورة تدور حول الجائحة بكل أبعادها الاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية.
وهكذا توارت إلى الوراء كل المحتويات الرقمية السابقة بمواضيعها الفجة والتي عملت طويلا على نشر المبتذل والزائف والمنحط من الأفكار. وفي هذا السياق ظهرت منصات للندوات والمحاضرات، وليخرج المثقف من برجه العاجي والأستاذ الجامعي من مدرجات الجامعة نحو التواصل مع الجمهور العريض، فتحققت فكرة انفتاح الجامعة على محيطها، بعد أن ظلت هذه الفكرة شعارا لسنوات،إلى أن جاءت الجائحة في عصر الرقمنة.
ومن المفارقات الغريبة أن يتسرب، في سياق هذا الزخم من التواصل الرقمي بالمغرب، نص لمشروع قانوني من وسط الحكومة تحت رقم 22.20هدفه تقنين وسائل التواصل ومنصات البث المفتوح في خطوة للتحكم في المحتويات الرقمية. غير أن الفهم العميق لحقيقة التواصل الرقمي، يجعلنا نقر أن التحكم في المنشورات الرقمية عن طريق سن قوانين هو إجراء من زمن ولى وانقضى. وأن الإجراء الوحيد الممكن في هذه الحالة هو التربية على استعمال الوسائط الرقمية وتوجيهها نحو إنتاج التفاعل الخلاق. ذلك أنه من المستحيل أن نتعلم السباحة خارج الماء.
وبالنظر لكل ما سبق، فإن النموذج التنموي المبحوث عنه لا يمكنه أن يتجاوز تشجيع التواصل الرقمي، ليس فقط بغرض تطوير محتوياته والمساهمة في بلورة مجتمع المعرفة، ولكن كذلك باعتبار الرقمنة وسيلة من وسائل الاشتغال عن بعد في ميادين متعددة كالتعليم والعدل والطب وغيرها. ولقد علمتنا الجائحة دروسا في هذا المجال، فتبديد الظلام لن يتحقق إلا بانتشار النور.
الجائحة والتعليم عن بعد في ظل الابتعاد
مع الجائحة، أصبح التعليم عن بعد ضرورة وليس اختيارا، ليتحول البعد إلى قرب بمقاييس الرقمنة وبمقاييس الأجيال التي ولدت بولادتها. وبهذا المعنى توسع مفهوم المدرسة وتحول من مكان فيزيقي يحتوي المدرسين و المتمدرسين إلى فضاء افتراضي-واقعي يؤسس لكفايات التعلم بطريقة تحترم التباعد لتحوله إلى قرب وتفاعل تشاركي لبناء المعرفة بطريقة قوامها الدينامية في اكتساب المعارف والمهارات.
وبفرض الجائحة للتباعد الاجتماعي في الأوساط المغربية، ظهرت بعض الاضطرابات في صفوف الآباء والمدرسين فيما يخص التعليم عن بعد . فإذا كانت الأجيال الحالية من المتمدرسين قد انخرطت في التواصل الرقمي منذ خطواتها الأولى في الحياة، فإن جيل المؤطرين من آباء وفاعلين تربويين وجدوا أنفسهم أمام الأمر الواقع في مسألة التعليم عن بعد.
هذه العملية التي لا تمارس بطريقة اعتباطية وإنما تكون مصحوبة بعملية سيكوبيداغوجية مرافقة للمدرس والمتمدرس. غير أن الجائحة فرضت الأمر الواقع، وكأن لسان حالها يقول : لقد آن الأوان للمدرسة أن تتأقلم مع خصوصية المجتمع المرقمن.
وهو ما يعني أن مسألة التعليم عن بعد يجب أن تكون حاضرة ضمن ركائز النموذج التنموي المبحوث عنه، ليلج بذلك الشباب مجتمع المعرفة من بابه الواسع حيث الحدود الجغرافية تتلاشى لصالح الانفتاح على المجتمع المرقمن، والنهل من موارده بما يقتضيه التحصيل العلمي الجاد والخلاق. إن تبني التعليم عن بعد بكل مقوماته التربوية والنفسية وترسيخه على مستوى الممارسة هو فعل، في العمق، يمتاز بموافقته لذهنية الأجيال الحالية واللاحقة من المتمدرسين، والتي خُلقت لتعيش زمن الرقمنة بكل تفاصيلها. ومن هنا وجب على المدرسة أن تتأقلم مع المتمدرسين وليس العكس، مادام الإنسان الذي نسعى إلى تكوينه، يصبو إلى أن يكون قادرا على مواجهة المستقبل وما تمليه شروط الزمن الرقمي الذي ينتمي إليه
المصطفى شكدالي يكتب..جائحة كورونا و البحث عن النموذج التنموي الجديد بالمغرب..
6- خاتمة بصيغة البدء
وكما كشفت الجائحة عن الكثير من القضايا التي لم يكن بوسع العمى المنظم الذي نعيشه أن يُدركها، أماطت اللثام عن عيوننا لرؤية حجم الهشاشة والفقر الذي تعيش فيه فئات عريضة من المجتمع، وهي الفئات التي يمكن أن نلقبها بالفئات الصامتة.
وكذاك الأمر بالنسبة إلى الفوارق بين الجهات وبين المدن والقرى. فغياب الضمان الاجتماعي للفئات المشتغلة في القطاعات غير المهيكلة ليست إلا الشجرة التي تخفي الغابة. ذلك أن مظاهر عديدة من البؤس الاجتماعي أصبحت في الواجهة بما لا يمكن نكرانه أو التخفيف من حدته والتطبيع معه.
صحيح أن هذه الوضعية لا تخص المغرب لوحده، فالجائحة كشفت عن مواطن الفوارق والاختلالات والهشاشة الاجتماعية في كل دول العالم بما فيها الدول التي كانت إلى وقت قريب تعتبر نفسها خالية من كل هذه المظاهر.
غير أن المغرب وبالنظر إلى الإجراءات الفعالة التي اتخذها في وقت قياسي للحد من أزمة الجائحة وهو في بحثه عن النموذج التنموي الجديد، يجد نفسه مطالبا بتثمين هذه الإجراءات والخروج بها من منطق ديمومة المؤقت إلى منطق التنمية المستدامة. فاللامفكر فيه سابقا أصبح مشخصا ولا مجال لتجاهله بعد اليوم.
الجائحة ووضعية المشردين بدون مأوى
فجأة، جعلتنا الجائحة ننظر بعين الرحمة للمشردين بدون مأوى، وكأن وجودهم لم يكن له وجود. فسارعت الجمعيات الخيرية إلى إيوائهم والعناية بهم وكأنه الاكتشاف العظيم لمزاولة العمل الاجتماعي التطوعي.
ورغم الإشادة بهذا العمل وما يحمله من معاني التآزر والتكافل الاجتماعي، إلا أن هذه البادرة قد تُفهم أنها جاءت خوفا من انتشار الوباء وليس بالضرورة رأفة ورحمة بالمشردين.
من هنا، وجب على النموذج التنموي المنتظر؛ أن يجعل من العمل الاجتماعي- التطوعي سياسة فعلية قوامها التأسيس لحماية اجتماعية للفئات المهمشة، تضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم. الشيء الذي لن يتأتى إلا بتنمية شاملة في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حد سواء.
إن قيم المواطنة، التي طالما تشدقنا بممارستها من خلال شعاراتنا، تبدأ برعاية الحلقة الأضعف في المجتمع، وذلك ليس بمنطق المَن والتباهي، وإنما بمنطق الاستحقاق والواجب وروح المسؤولية الوطنية. ومن أجل بلوغ هذا الهدف، لابد من إعادة النظر في طرق اشتغال المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تعمل في هذا المجال لتمكينها من القيام بمهامها بطرق احترافية.
الجائحة وضرورة استمرار صندوق الدعم
مع بداية انتشار الفيروس وتعميم الحجر المنزلي، بادرت الدولة المغربية إلى إنشاء صندوق للدعم المالي تحث اسم:”الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا”.
والذي الذي رصدت له من الميزانية العامة للدولة اعتمادات مالية بمبلغ 10 مليارات درهم بشكل رئيسي، بالإضافة إلى مساهمة العديد من الهيئات والمؤسسات والأشخاص.
ومهام هذا الصندوق تتلخص في تحمل تكاليف تأهيل القطاع الصحي ودعم الاقتصاد الوطني لمواجهة تداعيات وباء كورونا والتخفيف منها اقتصاديا واجتماعيا.
هذه البادرة جاءت لمواجهة الوباء، لكنها كانت نتيجة قطعية للجائحة في شكلها الاجتماعي والسياسي لما قبل كورونا. الشيء الذي يدفع بنا إلى التساؤل مجددا حول ما إذا كانت هذه البادرة ستنتهي بنهاية الوباء لنعيش مرة أخرى، على هذا المستوى، ديمومة المؤقت.
أليس من الأرجح أن يستمر هذا الصندوق في شكل آخر، تكون مهمته في إطار النموذج التنموي الجديد التخفيف من أثر الأزمات، ليلعب بذلك دور اليقظة الاقتصادية والمساهمة في التوازنات الاجتماعية؟
شيء ما ينقصُنا… خاتمة بصيغة البدء
في خطاب العرش لسنة 2018، قال جلالة الملك: “إذا كان ما أنجزه المغرب وما تحقق للمغاربة، على مدى عقدين من الزمن، يبعث على الارتياح والاعتزاز، فإنني في نفس الوقت، أحس أن شيئا ما ينقصنا، في المجال الاجتماعي …”. من خلال عبارة ” شيء ما ينقصنا” نستشف أنها كانت دعوة للعمل على تشخيص الواقع الاجتماعي بكل حمولاته السياسية والاقتصادية والثقافية، وتشريحه حتى يصبح بإمكاننا وضع الأصبع على الجرح والشروع في معالجته.
غير أن عبارة “شيْ ما ينقصنا” لم تُفهم على هذا النحو، فضاع مغزاها في خطابات ومزايدات السياسيين دون اللجوء إلى أهل الاختصاص من باحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية للقيام بعملية التشخيص وتحديد مظاهر النقص لتجاوزها بطرق ناجعة.
ومن حسن حظنا، أن جائحة كورونا جاءت لتقوم بعملية التشخيص لهذا الشيء الذي ينقصنا، فظهر جليا بأبعاده المتعددة والمتداخلة بين ما هو اقتصادي وسياسي ونفسي-اجتماعي. وكذلك كل ما يقتضيه العمل على تجاوزه بما هو علمي وعملي. إن الدرس المتعدد الذي علمتنا إياه الجائحة غير قابل للتجديد، ولن يكون بإمكاننا ممارسة سياسة العمى المنظم وتجاهل الشيء الذي ينقصنا. فإما أن نكون في القادم من الأيام أو لا نكون…
المصطفى شكدالي/ أستاذ التعليم العالي مؤهل في علم النفس الاجتماعي بالمعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة
يرى بولبي – وهو من أكثر العلماء الذين اهتموا بدراسة التعلق بين الطفل والأم – أن دافع التعلق دافع أساسي كدوافع الجوع والعطش والجنس ، فعلاقة الطفل بأمه ضرورية لنموه كضرورة الغذاء والشراب . وقد أجرى لورنز دراساته على الطيور فتوصل إلى أنه يمكن ملاحظة ميل قوي عند صغار البط والأوز إلى اتباع أي شيء يتحرك في مجالهم البصري . وهو ما يسمى ” الانطباع imprinting ” ، والذي يعني : السياق الذي يحدد عملية التفضيل الاجتماعية لتشمل فقط مجموعة معينة دون غيرها من الأفراد أو الأشياء.
مراحل التعلق :
يبدأ التعلق مع الإنسان من بداية نشأته ، فهو ملتصقٌ بأمه – وهي أول مواضيع تعلقه – ، مقترنٌ عالمُه بعالَمِها ، كلما ابتعَدَت عنه بكى يطلبُها ، فإذا عادت إليه عادت دنياهُ من جديد !! ثم يحبو في مدارجِ النُّمو فيتعلقُ بأبيه ، ويرى فيه صورةَ القادرِ الذي يُعَوِّض عجزَه ، والمالكِ الذي يسد ثغرةَ فقرِه ، والمثالِ الذي يسعى إلى أن يصوغ نفسه وِفقَ رؤيته . ثم ينفك عنه الإِسَارُ ، ويخرج من بيت الأسرة إلى فضاء المدرسة ، فيتعلق بكثيرٍ من أقرانه أو أساتذته ، ويرى فيهم نماذجَ لما يُحِبُّ أن يكون عليه ، أو موضوعاتٍ تمنحُه اللذة . ثم تأتي المراهقة بعواصفها ، فتتناثر عليه التَعَلُّقَات من كل حدب وصوب . إذن .. فهناك تعلق سوي ، يعتبر دافعاً أساسياً لنمو الإنسان ، وبدونه يتشوه بناؤه النفسي ، وهو الذي يظهر في علاقة الطفل بأمه ، ثم أبيه ، ثم إخوته وأصدقائه ، وبدلاء الأم ، وبدلاء الأب .
التعلق المرضي :
هو : الميل المبالغ فيه إلى موضوع من الموضوعات ، بحيث يفقد المتعلِّق استقلاليته ، ويتبع المتعلَّق به تبعيةً كاملةً ، وكأنما تذوب شخصيته عنده . _ #_يُتبع … صور التعلق المرضيالصداقة والتعلقالتعلق السويالفرق بين الصداقة والحب الخصائص المشتركة بين الحب والصداقةصور التعلق المرضيمظاهر التعلق المرضيآلية التعلق المرضيأسباب التعلق المرضيآثار التعلق المرضيعلاج المبتلى بالتعلق المرضي كيف تتصرف في حالة موقف علاقة إعجاب متبادل؟
معظم الناس تبرمج منذ الصغر على ان يتصرفوا أو يتكلموا أو يعتقدوا بطريقة معينة سلبية، وتكبر معهم حتى يصبحوا سجناء ما يسمى “بالبرمجة السلبية ” التي تحد من حصولهم على اشياء كثيرة في هذه الحياة. فنجد ان كثيرا منهم يقول أنا ضعيف الشخصية, أنا لا استطيع الامتناع من التدخين، أنا ضيف في الإملاء، أنا ……. ونجد انهم اكتسبوا هذه السلبية إما من الأسرة أو من المدرسة أومن الأصحاب أو من هؤلاء جميعا، أو التنشئة والمعتقدات السلبية والتربية من الاهل والمجتمع ، .. ولكن هل يمكن أن تغيير هذه البرمجة السلبية وتحويلها إلى برمجة إيجابية. الاجابة نـــعم وألف نعم . ولكن لماذا نحتاج ذلك ..؟؟؟ نحتاج ان نبرمج أنفسنا ايجابيا لكي نكون سعداء ناجحين، نحي حياة طبية, نحقق فيها احلامنا وأهدافنا, وخاصة واننا مسلمون ولدينا وظيفة وغاية لا بد ان نصل اليها لنحقق العبادة لله سبحانه وتعالى ونحقق الخلافة التي استخلفنا بها الله في الارض . قبل ان نبدأ في برنامج تغير البرمجة السلبية لا بد أن نتفق على أمور وهي : لابد أن تقرر في قرارة نفسك أنك تريد التغير. فقرارك هذا هو الذي سوف ٌينير لك الطريق الى التحول من السلبية الى الإيجابية . تكرار الافعال والاقوال التي سوف تتعرف عليها , وتجعلها جزءاًَ من حياتك . الآن أول طريقة للبرمجة الايجابية هي: التحدث الى الذات : هل شاهدت شخصا يتحدث مع نفسه بصوت مرتفع وهو يسير ويحرك يديه ويتمتم وقد يسب ويلعن . عفوا نحن لا نريد أن نفعل مثله . أو هل حصل وان دار جدال عنيف بينك وبين شخص ما وبعد أن ذهب عنك الشخص ، دار شريط الجدال في ذهنك مرة اخرى فأخذت تتصور الجدال مرة اخرى وأخذت تبدل الكلمات والمفردات مكان الاخرى وتقول لنفسك لماذا لم اقل كذا أو كذا … وهل حصل وانت تحضر محاضرة أو خطبة تحدثت الى نفسك وقلت . أنا لا أستطيع أن اخطب مثل هذا أو كيف أقف أمام كل هؤلاء الناس , أو تقول أنا مستحيل أقف أمام الناس لأخطب أو أحاضر . ان كل تلك الاحاديث والخطابات مع النفس والذات تكسب الانسان برمجة سلبية قد تؤدي في النهاية الى افعال وخيمه . ولحسن الحظ فانت وأنا وأي شخص في استطاعتنا التصرف تجاه التحدث مع الذات وفي استطاعتنا تغيير أي برمجة سلبية لإحلال برمجة أخرى جديدة تزودنا بالقوة . ويقول حد علماء الهندسة النفسية : ” في استطاعتنا في كل لحظة تغير ماضينا ومستقبلنا وذلك باعادة برمجة حاضرنا . “ اذا من هذه اللحظة لابد ان نراقب وننتبه الى النداءات الداخلية التي تحدث بها نفسك . وقد قيل :
راقب أفكارك لانها ستصبح أفعالا .
راقب أفعالك لانها ستصبح عادات .
راقب عادتك لانها ستصبح طباعا ..
راقب طباعك لانها ستحدد مصيرك . وأريد ان أوضح بعض الحقائق العلمية نحو عقل الانسان ونركز خاصة على العقل الباطن . ان العقل الباطن لا يعقل الاشياء مثل العقل الواعي فهو ببساطة يخزن المعلومات ويقوم بتكرارها فيما بعد كلما تم استدعاؤها من مكان تخزينها . فلو حدث أن رسالة تبرمجت في هذا العقل لمدة طويله ولمرات عديدة مثل أن تقول دائما في كل موقف … أنا خجول أنا خجول … أنا عصبي المزاج , أو أنا لا أستطيع مزاولة الرياضة , أنا لا استطيع ترك التدخين …. وهكذا فان مثل هذه الرسائل ستترسخ وتستقر في مستوى عميق في العقل الباطن ولا يمكن تغيرها , ولكن يمكن استبدالها ببرمجة أخرى سليمة وايجابية . وحقيقة أخرى هي أن للعقل الباطن تصرفات غريبة لابد أن ننتبه لها . فمثلا لو قلت لك هذه الجملة:” لا تفكر في حصان اسود “ هل يمكنك ان تقوم بذلك وتمنع عقلك من التفكير . بالطبع لا فانت غالبا قد قمت بالتفكير في شكل حصان اسود لماذا ؟ ؟ . إن عقلك قد قام بالغاء كلمة لا واحتفظ بباقي العبارة وهي : فكر في حصان اسود . اذا انتبه لمثل هذه التصرفات الغريبة للعقل الباطن. الآن إليك القواعد الخمس لبرمجة عقلك الباطن :
يجب أن تكون رسالتك واضحة ومحددة .
يجب أن تكون رسالتك إيجابية (مثل أنا قوي . أنا سليم أنا أستطيع الامتناع عن … . )
يجب أن تدل رسالتك على الوقت الحاضر . ( مثال لاتقول أنا سوف أكون قوى بل قل أنا قوي ).
يجب أن يصاحب رسالتك الإحساس القوي بمضمونها حتى يقبلها العقل الباطن ويبرمجها . يجب أن يكرر الرسالة عدة مرات إلى أن تتبرمج تماما . ابتداء من اليوم احذر ماذا تقول لنفسك ، واحذر ما الذي تقوله للآخرين واحذر ما يقول الآخرون لك ، لو لاحظت أي رسالة سلبية قم بإلغائها بأن تقول ” ألغي ” ، وقم باستبدالها برسالة أخرى إيجابية . تأكد أن عندك القوة ، وأنك تستطيع أن تكون ، وتستطيع أن تملك ، وتستطيع القيام بعمل ما تريده ، وذلك بمجرد أن تحدد بالضبط ما الذي تريده وأن تتحرك في هذا الاتجاه بكل ما تملك من قوة . وقد قال في ذلك جيم رون مؤلف كتاب ” السعادة الدائمة ” : ” التكرار أساس المهارات ” … لذلك عليك بأن تثق فيما تقوله ، وأن تكرر دائما لنفسك الرسائل الإيجابية ، فأنت سيد عقلك وقبطان سفينتك … أنت تتحكم في حياتك ، وتستطيع تحويل حياتك إلى تجربة من السعادة والصحة والنجاح بلا حدود . — خلييييك ايجابي 🌿